سفيان العلوي
لم اكتب عن خطاب الوزير التعبيري ولم أتوقع أن لحظة الانفعال الصادقة والتي لم تتجاوز الدقيقة ستأخذ كل هذا الحيز من ردود الأفعال المتعاطفة أو الوالغة في بركة الكراهية الآسنة. والحال أن المداخلة تضمنت أكثر من مستوى للخطاب. لقد قدم الوزير معطيات علمية إجرائية دقيقة واهمها ولأول مرة:
- تطور منحنى انتشار الفيروس في تونس وعلاقته بإجراءات الدولة.
- سلسلة انتقال العدوى من خلال حالات دقيقة وأهمية محاصرتها وأهمية شفافية المعطيات.

كما بين بدقة لحظة خروج المنحنى عن السيطرة وفق الخطة الوطنية لمواجهة الجائحة. ولحظة الانفعال التي حاصرها الوزير وخنقها في حلقه لم تكن سوى تصعيد لخيبة واستباقا لانفلات الأمور وخروجها فعلا عن السيطرة.
لم يفقد الخطاب انسجامه إلى آخر لحظة مرر فيها الكلمة إلى كتلة الجليد ليتحدث عن الإجراءات الرادعة. وقد حرص على التمييز بين الرسالة العلمية والرسالة الإجرائية والرسالة السياسية التي أرادها رسالة جماعية خالية من أي طموح بطولي شخصي.
نعود الى ردود الأفعال. كل من حصر الندوة الصحفية في لحظة الانفعال غير المنفصلة بأي حال عن سياق تحليلي وسياسي ووظيفي سواء من باب المناكفة أو من باب التعاطف والدفاعية الغريزية كل هؤلاء أخطؤوا في حق الرجل. والخيبة الأكبر أن نكتشف أننا كلنا انفعاليون حتى أولئك الذين عابوا عنه تسرب المشاعر الى خطاب الدولة وكأنها سابقة أولى وقد تعودوا على أنياب التماسيح ولم يروا حتى دموعها. كلهم انفعاليون.
لقد تخطى الرجل الى حد الآن الغاما عديدة موضوعة في طريقه وفي سياق وطني دقيق وحرج وهو حديث العهد بمهامه:
- لغم رأس المال الذي التهم المنظومة الصحية ورهن الصحة العمومية إلى القطاع الخاص وحاول أن يجني أرباحا من الجائحة ولو ببيع الوهم.
- لغم البيروقراطية وللرجل تجربة صعبة سابقة مع محاولة إقرار لامركزية في الخارطة الصحية.
- لغم النقابية المتوحشة خاصة في صفاقس والتي لم يفلح أي وزير في التعاطي معها بعد الثورة بمن فيهم الوزير نفسه فترة الترويكا. وقد حرص بذكاء حاد على تجاوز حادثة النائب وهذا موضوع فيه تفصيل نعود اليه لاحقا.
- لغم الضغينة الإيديولوجية فلم ينس البعض من النخب أن للرجل انتماء سياسي صريح مازال البعض يحلم بإغلاق قوسه الى الأبد لا مجرد استبعاده من المشهد.
والغام أخرى…
اكتشاف المزيد من تدوينات
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.