نور الدين الغيلوفي
رئيس الحكومة قال كلاما جميلا يستحقّ أن نقول فيه “أفلح إن صدق”
وقد لفتت انتباهي عبارة “ما ثمّ حد فوق راسو ريشة” التي كان رئيس الحكومة السيّد إلياس الفخفاخ يردّدها في حواره مع الإعلاميَّين.. وأظنّ أنّني سمعت هذه العبارة، من قبلُ، على لسان غير مسؤول رفع لواء محاربة الفساد والتصدّي للفاسدين.. ولكنّها ظلّت صدًى يتردّد خيرُ مَن عبّر عنه الرئيس السابق الباحي قايد السبسي، رحمه الله، حين قال:
” اللي يلقالي قنّاص يجيبهولي”…
يأتي رؤساء الحكّام يرفعون شعار محاربة الفساد.. ولكنّهم يمضون ولسان حالهم يقول:
” اللي يلقالي فاسد يجيبهولي”…
ثمّ يمضي الحاكمون ويبقى الفساد ينخر في البلاد كأنّ الفاسدين فيروسات لا تُرى بالعين المجرّدة ولا أثر لما تعمل ولا مصل ينفع للقضاء عليها…
لن نستبق الأحداث ولن نحاسب قبل الأفعال.. ولكنّ من حقّنا أن نتساءل:
هل عبارة السيّد رئيس الحكومة ملأى بمعناها أم هي مجرّد كلمة تقال في أفلام الخيال للتعبير عن سطوة المسؤول وهي، في الحقيقة، لا تعني شيئا خارج ملفوظها؟
نرجو أن يعنيَ السيّد رئيس الحكومة ما يقول.. التونسيّون يعلمون أنّ ذوات الريش كثيرة في بلادنا.. والجميع يعلمون أنّه ريش متوحّش تحوّل أصحابه إلى غيلان ترتع في البلاد كما لو أنّها مستعمَرة استولوا عليها واحتكروا خيراتها ونصبوا خيامهم بها.. ولا قوّة تردَعُهم ولا سلطان يوقفهم…
وليس أدلّ على الريش، يا سيادة رئيس الحكومة، من خطاب عَرْف الأعراف سمير ماجول الذي ظهر في الإعلام لمهاجمة الدولة والاستهانة بالقانون ولينتهز حالة الوباء لمزيد الابتزاز.. والحال أنّه حامي حمى عصابة ممتنعة عن دفع الضرائب التي للدولة عليها…
ومن الغريب أنّك جعلتَ من هذا “البلطجي” حَكَمًا أوّلَ على رصيد التبرّعات.. فهل تُستأمَنُ الذُّؤبان على القطعان يا رئيس الحكومة؟
وليس أدلّ على الريش من قيادة اتّحاد الشغل.. تقتطع من عرق العمّال وتأخذ مساعدات الدولة ولا أحد يعلم عمّا يدخل جيوبهم شيئا.. ولا أحد يحصي لأموالهم عدّا.. ولا أحد يعرف جهةً لإنفاقها.. وفوق هذا نراهم يعيثون في البلاد “بلطجة” يعنّفون من شاؤوا ولا قانون يردعهم.. كأنّ القانون جُعل لغيرهم دونهم…
والعجيب أنّك جعلت منهم حكَمًا ثانيا على رصيد التبرّعات.. فهل تُستأمن الثعالب على العناقيد يا رئيس الحكومة؟
وليس أدلّ على الريش من تجّار جشعين يأكلون عرق الناس ويمنعون عنهم الغذاء في ظلّ الوباء.. ومن محتكرين لا ينالهم عقاب على جرم فعلوه ليجوع الناس وتصيبهم التخمة كأنّهم أمنوا سطوة الفيروس…
هل ننتظر، يا سيادة رئيس الحكومة، أن يتحقّق العدل على يد فيروس، لا يُرى، يصيب الأقوياء والأغنياء كأنّ أنفاس الضعفاء والفقراء لا ترضيه ولا يجد بها ما يعنيه ولا ما يُغنيه؟
اكتشاف المزيد من تدوينات
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.