تدوينات تونسية

قراءة سريعة في “كلمة” قيس سعيّد

زبير المولهي

استمعت الآن إلى الكلمة المرتجلة التي ألقاها قيس سعيّد أمام مجموعة ضيقة جدا من أبناء سيدي بوزيد… ملاحظات سريعة أسوقها بعد سماعي كلمة الرئيس الغائب الحاضر :

• الشكل خاطئ تماما، ففي حين كان الشعب ينتظر خطابا مركّزا يتوجه به إلى كافة الشعب، اختار قيس سعيّد الشكل المرتجل لكلمة سريعة وأمام جزء صغير فقط من الشعب رغم رمزية المكان…

• من حيث مضمون الشكل، خطاب لا يختلف في شيء عن خطاب الحملة الانتخابية، بنفس النبرة ونفس الشعارات ونفس الارتجالية ونفس اللكلكة… هل نسي قيس سعيّد أنه رئيس الجمهورية وأنه لم يعد قيس سعيّد المرشح للانتخابات الرئاسية ؟!…

• من حيث المضمون، لم أجد صراحة أي جديد يختلف عما قاله عدة مرات في حملته الانتخابية سوى أنه “يعمل في صمت” ! الصمت معلوم ومحسوس ومعاش يا سيادة الرئيس وهو ما نعيبه عليك ويعيبه عليك الشعب كله، لكننا كنّا نأمل أن تحدثنا عن العمل ! ماذا تعمل ؟ كيف تعمل ؟ مع من تعمل ؟ ما هي الملفات الكبرى التي “تعمل” عليها ؟ بأي وسائل تعمل ؟ إلى أي الآجال تعمل ؟ من أجل تحقيق أي الأهداف تعمل ؟… هذا ما كنّا نتمنّى أن نسمع منك يا سيد قيس سعيّد… لقد قلت أنك تعمل في صمت، وحين “تكلمت” لم نسمع منك سوى الصمت… صمت متواصل… فما سمعنا منك سوى كلاما صامتا وصمتا على صمت بشكل صامت يدور حول مضمون صامت !…

• يبدو أن السيد قيس سعيّد بدأ يحترف السياسة، سياسة سياسيّي السيستام، ومن أهمّها لغة التسويف ! فمن يستمع جيدا للكلمة لا يسعه إلاّ أن يرصد متفاجئا استعمال عديد المرات أداة التسويف “سوف” وسين الاستقبال : سنحقق، سنفعل، سنقوم، سوف ننتصر، سوف يحقق الشعب إرادته، سوف نحقق العدالة الاجتماعية، سنحقق النصر، سيكون في المستقبل هو الرقم واحد، سوف يذكر التاريخ، سنواصل معا… إلخ… إلخ… إلخ…
لقد سئمنا التسويف وسين الاستقبال والوعود والعهود… ما يطلبه الشعب هو الوضوح والصراحة والفعل الحقيقي والعمل الفعال والنتائج الملموسة، فلست أول من يعد ولست أول من يسوّف ولن تكون الأخير ضمن هذه الطبقة السياسية التي سئمها ولفظها الشعب يا سيادة الرئيس الذي منحه الشعب أغلبية كبيرة كي يغيّر فعلا لا أن يسوّف كما سوّف من كان قبله وأفضل منه…

• رئيس الدولة يتحدّث بالإبهام التامّ عن “نحن” و”هم” وعن “أنتم تعرفونهم بالاسم واحدا واحدا” وعن “سننتصر عليهم”… لا يا سيادة الرئيس أنت مطالب بحكم مسؤوليتك على رأس الدولة أن تسمي الأشياء بأسمائها وأن تحدّد من تقصد ب”نحن” وخاصة من تقصد ب”هم”… لا يا سيّدي نحن لا نعرفهم ولا نعرف مَن هم “هم”… كنّا ننتظر منك أن تسميّهم، بأسمائهم أو بصفاتهم أو بمسؤولياتهم أو بمواقعهم، ألست الرئيس، رئيس الدولة، رئيس الجمهورية، رئيس كل التونسيين ؟! فممّن أنت خائف ولِمَ لا تسمّيهم، لِمَ لا تفضحهم، من “هم” الذين تتحدّث عنهم ؟! قد نفهم تجاوزا “نحن” لكن نريدك أن تحدّثنا عن “هم” لأنّك بحكم مسؤوليّتك وبحكم جهازك الاستخباراتي وبحكم مجلسك للأمن القومي أقدر أن تعرف من “هم” وبالتالي أن تقول لنا من هؤلاء ال”هم” الذين تذكرهم إبهاما وتورية ؟! الشعب قد يقترب، بالسليقة أو بالخبرة أو بالحدس، من التنبّئ أن هناك “هم” يُفسدون ويخرّبون الدولة ويعرقلون الخروج من الأزمة، فيجوز للشعب أن يسمّيهم ب”هم” لأنه لا يعرفهم تحديدا، لكن لا يجوز لرئيس الدولة أن يتحدث بهلامية غريبة عن “هم” دون توضيح أو تقريب فهم أو تعرية مستور !

لا حول ولا قوة إلاّ بالله في الإخشيدي !!!

اترك رد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock