مقالات

الديون كيف يمكن التحرر منها ؟

أبو يعرب المرزوقي

رغم أن المعضلة تبدو مهمة مستحيلة فإن حلها ليس أيسر منه:
يكفي تطبيق الحكمة الشعبية لتوصيفها “ما خاص المشنوق إلا ماكلة الحلوة”.
تونس تأكل في الحلوة وهي مشنوقة.
فلنبحث عن الحلوة التي تكلف تونس أكثر مما استدانت إذا طبقناه على مدة خمس سنوات هي الدورة النيابية الحالية.

وطبعا لا أجهل أنه لا يمكن للساسة الحاليين أن يتحملوا مثل هذه المسؤولية فيقولوا للشعب ما يفرضه واجب كل من يريد حماية سيادة تونس وكرامة شعبها بجعل شروط حياته في متناوله:

  1. فهم أول المستفيدين من السكوت عن وضع “المشنوق الذي يأكل الحلوة” بالتداين الذي يبقي عليهم إلى أن تقيد تونس فلسة.
    وهي بعد تحت نظام الكوميسيون المالي.
  2. سأكتفي بالكلام على الحلوى التي هم علتها والتي هي سم زعاف القاتل للشعب.
    وذلك برهن الوطن إلى يوم الدين.

وهو أكثرها تأثيرا لأنه هو:

  • أصل كل فساد.
  • وسر كل استبداد.
    واستفحال سيطرة المافية على القرار في جميع الأحزاب ومن ثم في البلاد والعباد.

1. الأحزاب التي تزعم الحكم لا سلطان لها على الأمر

  • لأنها خادمة عند المافيات.
  • ولأن أدوات العمل الخمس خارج سلطانها مهما كانت شرعيتها الديمقراطية. فضلا عن تسيب الشارع في بلد توهم الكثير أن الديموقراطية هي الفوضى.

وكلنا يعلم أنها بتشجيع من نخب سياسية ونقابية مراهقة ومؤتمرة بأوامر المافية التي ورثناها عن نظام ابن علي. وخاصة بعد أن تسيبت ولم يعد لها “زميم” و”زميمة”.
علما وأن “زعماء” الأحزاب ترشحهم هذه المافيات التي تمولهم ليكونوا واجهات تحميها بالدولة التي صارت درعا لحاميها الذي هو حراميها في إداراتها:

  1. الإدارة السياسية.
  2. والإدارة الخدماتية.
  3. والإدارة الأمنية.
  4. والإدارة القضائية.
  5. والإدارة العسكرية.

علما وأن التأثير في الاخيرة شبه معدوم في مجرى الأحداث.
والحمد لله أن الجيش ليس تحت سلطانها.
وهو من أفضال بورقيبة على البلاد.
وإلا لحصل في تونس ما يحصل في مصر وسوريا إلخ…

2. تونس لا تحتاج 217 نائبا
فيكفي أن يكون عدد النواب ضعف عدد الولايات.
والمضاعفة علتها تشريك الجنسين بالتساوي رجل وامراة من كل ولاية.
وهذا كاف وزيادة لأن عدد سكان تونس يكفي لتمثيلهم هذا القدر المحترم من الممثلين.

3. تونس لا تحتاج لرئاسة جمهورية كلفتها يمكن أن تعالج مشكل جل الشباب العاطل
ويمكن أن يكون الأمر مناسبا لحجم تونس.
والتخلي النهائي عن الأجور المشطة لرؤساء الدولة والإبقاء عليها مدى الحياة لثلاثة وربما أكثر وخاصة بالنسبة إلى الوزراء ورؤساء الحكومات والنواب.
فالكل ينبغي أن يعود إلى وضعه السابق على تكليف الشعب له وتشريفه بخدمة الجماعة.

4. وتونس لا تحتاج لدبلوماسية ثابتة وواسعة لكأنها إمبراطورية
وكان يكفي على اقصى تقدير بعض السفارات في القارات الخمسة مع تكليف السفير بأكثر من دولة لأن كلفة الدبلوماسية قابلة للتخفيف دون أن يمس ذلك من فاعليتها إذا عرفنا كيف نتصرف في التحرك الدبلوماسي.
وما أقوله عن الدبلوماسية يقال عن جل الوزارات التي تقبل تخفيض الكلفة كما أبينه خلال كلامي على العطالة المقننة في الإدارة السياسية والإدارة الخدماتية وخاصة في “تران دو في” الذي تعيش عليه الوزارات من تجهيزات في بلد لا يحتاج إلى ما نراه من بذخ لم أر مثله حتى في أغنى الدول وخاصة في قضية السيارات الرسمية.
فأكثر من نصفها يمكن الاستغناء عنه.

5. وأخيرا فتونس لا تحتاج أكثر من 11 وزارة بما فيها رئاسة الحكومة
وكل زيادة في الوزارات هي من أكل الحلوى.

فالحكم يحتاج إلى خمس وزارات للرعاية هي:

  1. وزارة التربية النظامية
    أو التعليم بالمعنى المعتاد
  2.  ووزارة التربية الاجتماعية
    أو استعمال ثمرة الاولى في توزيع العمل الذي يحقق شروط التموين
  3.  ووزارة الإنتاج الاقتصادي
    لتموين كيان الإنسان العضوي
  4. ووزارة الثقافة
    لتموين كيانه اللاعضوي
    أي الإنتاج العلمي والإنتاج القيمي أو الذوقي.
  5. والوزارة الخامسة هي وزارة البحث والإعلام العلميين الذي يمكن تسميته البحث الأساسي في الطبيعات والإنسانيات وكل ما يمكن اعتباره علوما مساعدة لهما ولتطبيقاتهما في تحقيق شروط قيام الجماعة رعاية وحماية.

والحكم يحتاج إلى خمس وزارات للحماية هي:

  • اثنتان للحماية الداخلية:
  1. وزارة العدل.
  2. وزارة الداخلية.
  • واثنتان للحماية الخارجية:
  1. الدبلوماسية.
  2. الدفاع.
  • 5. والخامسة أصلها جميعا.
    شأنها ما يمكن من الدراية بحال الجماعة ووظائف الدولة في كل لحظة.
    وهو الاستعلام والإعلام السياسيين الخادمين للجماعة والدولة والحائلين دون الاختراق في الاستعلام أو في الإعلام.

والوزارة الأخيرة التي هي الحادية عشرة هي رئاسة الوزراء.
وهي:

  • المشرفة على هذه الوظائف وأداء الوزارات فيها.
  • والمشرفة خاصة على التصرف في ثروة البلاد عامة وفي المالية خاصة.

ومن ثم فالدولة غنية عن وزارة مالية لأنها ينبغي أن تكون تابعة لمن يعود إليه التحكيم بين الوزارات في الميزانيتين للتصرف وللتجهيز.
وطبعا لا بد أن يكون له مساعدين في ذلك ولا حاجة لوزارة.

أما الصحة ومعها الغذاء والدواء والبيئة فهي تابعة للتربيتين.

وأما كل الخدمات التي تتعلق بالبنية التحتية للمواصلات والتواصل فهي تابعة للإنتاج الاقتصادي والثقافي بالمعنى الذي وضحت (اي غير ثقافة الملاهي والرشوة لفناني عقاب الزمان وخاصة الموردين منهم بالعملة الصعبة من أزلام المافيات والنظام).

وبذلك

  • فلا حاجة لوزارة الثقافة بمعناها الحالي.
  • ولا حاجة لوزارة الشؤون الدينية بمعناها الحالي.
  • ولا حاجة لوزارة الشباب والرياضة بمعناها الحالي.

فما هو غير خاص منها ثلاثتها جزء من التربية.
وما هو خاص منها قادر على تمويل نفسه.

  • فالدين تموله الزكاة بنية أساسية وأجر أيمة وكلفة الصيانة والخدمات الضرورية للشعائر.
  • والرياضة من حيث هي احتراف تمول نفسها.
  • والثقافة من حيث هي ملاه تمول نفسها.

وبذلك فإني أزعم أن الدولة يمكن أن تتخلص من كل ديونها في أقل من دورة نيابية واحدة.

“ما خاص المشنوق إلا مكالت الحلوة”.
تونس أكثر من مشنوقة.
ومن يشنقها هم من يريدون أكل الحلوة من دم الشعب ومن جعلوا الدولة تكية للسياسين النقابيين من الصفين أي العمال والأعراف.

فأكثر من نصف الموظفين في كل مؤسسات الدولة وشركاتها بطالة متنكرة.
ولو حررنا الدولة ومؤسساتها منها لأصبحت كلها مربحة ولما احتجنا لتمويل من يعتبرون الدولة بقرة حلوب.

  • فجففوا ضرعها.
  • وفرضوا على الشعب التداين وتردي الدنيا.
  • وأفقدوه السيادة لأن الشحاذ لا يمكن أن يكون ذا سيادة.

والسلام.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock