تدوينات تونسية

حول قضية زهير مخلوف: عدالة متأخرة هي عدالة غائبة

روضة القرافي

دخول زهير مخلوف يوم أمس للبرلمان بمناسبة الجلسة الافتتاحية للدورة النيابية الجديدة ليس فقط فضيحة برلمانية بل هو فضيحة قضائية بالأساس.
هذه القضية لم تعرف السير العادي لقضايا التحرش رغم القرائن الظاهرة والقوية على ارتكاب أفعال مجرمة. ففي وقائع أقل خطورة من الوقائع المعروضة في هذه القضية التي حصلت أمام مدرسة يرتادها قاصرات وقصر يتم الإحتفاظ بذي الشبهة مباشرة بعد إستنطاقه ثم يحال فورا على أول جلسة تنعقد بالمحكمة للبت في أمره.

إلا أن ذا الشبهة في هذه القضية مكّن من إمتياز العودة إلى منزله مطمئنا بعد الإستنطاق الأول في آخر الأسبوع على أن يتم إحضاره بحالة تقديم للنيابة العمومية مطلع الأسبوع كما لم تقع إحالته توا على أول جلسة بعد سماعه من النيابة بل أحيل على التحقيق (ومعلوم ما يخوله التحقيق من إمتياز تمديد الإجراءات وتمتيع النائب المشتبه فيه بربح الزمن القضائي والسياسي) ولم يصدر قاضي التحقيق بطاقة إيداع بالسجن في شأنه على خلاف السوابق القضائية في مثل هذه القضايا.

وكل هذه الإمتيازات عذرا الإستثناءات في سير القضية يمكن التثبت فيها من خلال دفاتر المحكمة ومقارنة إجراءات سيرها منذ إنطلاق الأبحاث فيها بقضايا من نوعها وقضايا شبيهة بها. وهي معلومات حول إدارة القضايا وإدارة العدالة من حق الرأي العام والمجتمع أن يتعرف على مدى مساواة الكافة فيها أمام القانون. والأنكى من كل ذلك -حتى إن تغاضينا على هذا السير غير العادي للقضية في إنطلاقها- أن سير التحقيق فيها بوتيرة بطيئة لافتة يدل على غياب الوعي التام نيابة وتحقيقا بالأولوية التي يجب أن تعطى للبت في هذه القضية التي تم التداول فيها على نطاق واسع لدى الرأي العام وبين الأولياء وأحدثت هزة ووقعا مخيفين لديهم على سلامة أبنائهم. هي أولوية تعطى للملف من خلال إتمام الأبحاث وختمها بالنجاعة والسرعة المطلوبتين لتقديم الإجابة للعائلة الشاكية التي تطلب العدالة ولإرجاع الطمأنينة لكل أفراد المجتمع على وجود قضاء يحميهم ويحمي أبناءهم ولا يحمي المعتدين أيا كانت صفاتهم ومراتبهم.. أتحدث هنا عن البطء ولا أريد أن أقول قولا آخر.

هذا البطء مكّن ذا الشبهة من الإحتماء بالحصانة رغم أنها نسبية غير أننا نعلم كيفية تعامل البرلمان مع طلبات رفع الحصانة عن نوابه. ربح المعني بقضية التحرش الزمن للإفلات من التتبع وربما العقاب على إمتداد خمس سنوات والظهور بالبرلمان يوم أمس ظهورا مستفزا قانونيا وأخلاقيا لكل المجتمع التونسي. وهو ما دفع كثيرا من العائلات والنشطاء الى التجمع امام المجلس لإسماع صوتهم.. فهل من سميع ؟
إن العدالة المتأخرة هي عدالة غائبة وقاصرة تشرع لعدم الثقة في القضاء وتهدد السلم الإجتماعية.
أقول هذا بكل مرارة وأسف وأدعو منظمات المجتمع المدني الى متابعة القضية بمواصلة الضغط بكل إصرار وقوة حتى تتحقق العدالة فيها في أقرب الأجال وليأخذ كل ذي حق حقه. فلسنا هنا نتهم أحدا ولا نبرئ أحدا ولكننا نطلب العدالة الناجزة للجميع في نطاق تساوي الكافة أمام الإجراءات والقانون.

اسطرلاب

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock