عدنان منصر
لماذا يخجل كثير من المثقفين من دعم القروي مباشرة، ولماذا يستخدمون في المقابل كل مواهبهم في إيجاد أشياء يهاجمون بها قيس سعيد؟ أنا من الذين يعتقدون أن على المرء ألا يخجل من إظهار ميوله السياسية، وإلا فإنه غير قادر على ممارسة مواطنته بكيفية نافعة للناس. في سياق ديمقراطي، المواطنة تعني أولا الإختيار. دعنا من الإعلام وبعض وجوهه، أتحدث عن بعض المثقفين، وبعض الجامعيين منهم خصوصا.
أقرأ أحيانا لبعض “الفلاسفة”، وأعجب من أناس درسوا في الجامعة ثلاثين وأربعين عاما، ولا يزالون يعتبرون أن كل الوجود ينقسم إلى “مساعدين” و”أساتذة”. هذه إقطاعية الجامعة المريضة التي لا تريد أن تشفى. أقرأ لآخرين من “الحضارة” وأعجب للصفاقة عندما تشيخ فتصبح مجرد قلة ذوق. في التصويت، هناك ما تسميه شركات سبر الآراء بالتصويت المُخجل أو المُشين، أي ذاك الذي لا يستطيع صاحبه أن يجد لمرشحه إيجابية واحدة يرفع بها رأسه، حتى أنه ينكر أنه اقترع له.
في المقابل، هؤلاء الذين تعودوا إضاعة الفرص على التونسيين، وحولوا البندقية من كتف إلى كتف حتى كادت تصبح لفرط ما حولوها مجرد فتاة ليل رخيصة، ماهي قضيتهم؟ أقصد فيما عدا رأس المال المهني من حداثة ونمط عيش وما إلى ذلك مما يسمح لهم بتذكيرنا أنهم لا يزالون على قيد العيش. أية حداثة وأي نمط هذا الذي يمثله مرشح كالقروي؟ حتما تلك الحداثة وذلك النمط الذين مثلهما بن علي! المثقف الذي يستعمل كل ما تعلمه للكذب على الناس والسفسطة الطويلة والفارغة لإخفاء حرجه وكذبه على نفسه، يليق به فعلا رئيس كالقروي، بل وأكثر من القروي.
بعضهم ينتهي بائسا يحرقه حقده على نفسه، وعلى الأرض التي ولد فيها، وعلى الناس الذين يريدون أن يغيروا. نعم، بإمكان المرء يختار نهايته، وأن يقرر إذا ما أراد الناس أن يذكروه باحترام. قيس سعيد يستحق أن يُحترم، لأنه ببساطة أصبح لدى الناس أملا للتغيير. أما من يخافون التغيير، ويخافون من اختيار الناس، فطبيعي جدا أن نجدهم دائما حيث تعودنا أن نجدهم….