كلب بن كلب..
صالح التيزاوي
بعد أن سار خلف نبيل القروي، يتبعه مثل ظلّه، قادما على جناح السّرعة من جريد “Lacroix” الفرنسيّة يوم أن قدّم ترشّحه للإنتخابات الرّئاسيّة، ها هو التروتسكي القديم واليساري الضّالّ، يظهر مع جوقة الإعلام المضلّل على قناة العائلة ليعلن نيابة عن الشّعب التّونسي وعن المؤسّسات الدّستوريّة، موقوفا على ذمّة العدالة رئيسا شرعيّا للبلاد، بلغة منحطّة، مشحونة بالعنف والتّحريض على حمل السلاح!!
فهل يستطيع صاحب متلازمة “كوشينغ” أن يدلي بمثل هذا التّصريح في البلاد التي تسكّع بين “باراتها” وأن يشكّك في ديمقراطيّتها ومؤسّساتها؟ وهل عاد إلينا مروّجا لكلّ أشكال البذاءة والقبح والإنحطاط على طريقة الكلب بن كلب “سعد كوبوي” بطل سيرته الذّاتيّة؟! وهل عاد ليستأنف دوره القديم في قطع الطّريق على أبناء الشّعب نحو رئاسة البلاد؟ فعلها قبل مع المرزوقي وهاهو يكرّرها مع قيس سعيّد.
هذا الفوضويّ المتفلّت من القيم والمبادئ الأخلاقيّة تفلّت الدّابّة من عقالها، يعلن بكلّ وقاحة أنّه اختار لنا من يحكمنا نيابة عنّا.. وما علينا إلّا أن نذعن لإرادته، إكراما لمن قال عنه إنّه “خوه وصاحبو” وإن اقتضى الأمر نحمل السّلاح ونقتتل من أجله.. يريد أن يقول: “آش نعملوا بجد بوها الإنتخابات والدّيمقراطيّة” كما قال وليّ نعمته من قبل “علاش عامللهم تلفزة ماو باش نحكم جد بوهم”.. من الغريب أنْك تجد اليساري في كلّ بقاع الدّنيا يناضل من أجل تحرير الكادحبن من هيمنة رأس المال والإقطاع إلّا في بلادنا يتحالفون مع أباطرة المال ولوبيات الفساد وأنطمة الإستبداد لوأد أشواق النّاس وتطلّعاتهم إلى الحرّيّة وإلى العدالة الإجتماعيّة..
أمر يستحقّ الرّثاء والإشفاق حتّى البصق على كلّ “كلب بن كلب”، لطالما كان يقدّم نفسه على أنّه نصير البروليتاريا من الجريصة وماجاورها من الدّواخل والقواحل إلى أرض المكسيك العارف بتضاريسها وبتاريخ ثوراتها وجميع ثورات الشّعوب والملمّ بكل شيء في علوم الأوّلين والآخرين.. وفي اللّحظة الحاسمة، يصوّت لأعداء الكادحين.. لقد ذكر ذات مرّة بأنّ الذين قاموا بالثّورة في المكسيك كانوا شبابا وهم الذين أمسكوا بالحكم. فهل اكتشف اليساري التّائب إلى حضيرة المركانتيّة أنّ “خوه وصاحبو” الموقوف على ذمّة العدالة هو من قام بالثّورة حتّى يملّكه الدّولة ورقابنا والثّورة؟ كما سبق له أن أعلن الحرب على حكومة الترويكا، متّهما رموزها بأنّهم مجموعة من “العواجيز” أمسكوا بالحكم وهو بـ”ذكائه المفرط” شمّ عليهم رائحة كريهة… فهل وجد التروتسكي القديم رائحة الفضيلة تنبعث من المركانتيّة والمتحيّلين الذين أضحى يشتغل لحسابهم ويروّج لهم؟ لعلّ روائح عطورهم المستوردة أنسته حتّى رائحة “ضبابط يامّاه”.. وليس الجريصة فقط.
كنّا نتندّر بوصف الفوضويّين من قطّاع الطّرق من أصحابه وإخوانه ورفاقه بأنّهم يسار الكافيار، فإذا بنا أمام نسخة أقبح وأكثر رداءة ليساري أضحى يقتات من مزابل التّاريخ ومن مزابل المركانتيّة مثل “القراد والقمّل” (والتّعبير له) فليس، مستغربا أن تفيض على لسانه بقايا نجاسة ثوريّة أضاف إليها نجاسة الإنتهازيّة ونجاسة روّاد الحانات، ليتّهم رجال تونس بقلّة الفحولة ونساءها بقلّة الخصوبة!!! لا لشيء إلّا لأنّهم انحازوا لاختيار رئيس، يشبههم ويشبهونه في القيم والمبادئ الأخلاقيّة التي ترفض بذاءة وانحطاط صاحب متلازمة “كوشينغ” والتي بدت أعراضها واضحة عليه: وجهه المستدير (وجه القمر)، سمنة، حدبة بين الكتفين، قلق دائم، اكتئاب لا تخطئه العين وعدم قدرة على التّحكّم في الإنفعال وحتّى في الكلام… فهل هذا يحقّ له أنّ يقرّر نيابة عن
الشّعب من يكون رئيسه؟ ومن أين استمدّ هذا الحقّ؟
لاشكّ أنّها جيوب الأغنياء تفعل فعلها في أشباه المناضلين وبقايا اليسار العابر للخمّارات ومن بقايا لجان التّفكير التّجمعيّة…
الخصيّ حقّا.. من بدأ يساريّا منحازا لمشاغل المفقّربن والمهمّشين في الجريصة وأخواتها، ضحايا الدّولة الإستبداديّة وانتهى بوقا يروّج لمافيات المال والفساد ويقطع الطّريق (وقد فعلها من قبل) على شعب يريد أن يستكمل بناءه الدّيمقراطي وأهداف ثورتته مع مترشّح منه وإليه، ليس له جنوح نحو اليمينيّة ولا اليساريّة، ولا تبدو عليه أعراض الفاشيّة، وأكثر من ذلك لا تلاحقه تهم بالفساد.