تدوينات تونسية

صبرا آل مرسي

فتحي الشوك

نبأ آخر حزين يأتينا من مصر الحزينة، عبد الله النّجل الأصغر للرّئيس الشّهيد محمّد مرسي يلتحق بأبيه مساء اليوم بعد أزمة قلبيّة مفاجئة ألمّت به حسب ما تقول الرّواية الرّسمية فهل هي أزمة قلبيّة حقّا أم جريمة قتل بعد سبق إصرار وترصّد من نظام مجرم احترف القتل ؟
سبق للنّظام المصري المجرم أن تخلّص من الرّئيس الشرعي محمد مرسي في يوم 17 يونيو 2019 في إحدى جلسات محاكمته الصّورية بعد ستّ سنوات من التعذيب النفسي والمعنوي والعزل ومنع الزّيارة والدّواء والعلاج وربّما أيضا عبر سمّ مدسوس، خصوصا وأنّ يوم تنفيذ قرار التخلّص منه تزامن مع زيارة لوفد مخابراتي إماراتي بعد تسرّب أخبار مفادها أنّ ترامب قد يكون ضغط على السّيسي وهدّده بورقة مرسي.
ترك الرّئيس مرسي ملقى على الأرض لمدّة ساعة وتمّ نقله بعد التأكّد من وفاته ليدفن على عجل دون تقرير طبّي ولتطوى الصّفحة وتمرّر الجريمة وسط تواطئ الجميع في الدّاخل والخارج.
في ذات اليوم أعلن ابنه عبد الله أنّه تلقّى تهديدات بالاعتقال والقتل وهو الابن الوحيد الّذي بقي حرّا بعد سجن أخيه الأكبر أسامة وهو الّذي رثى أبيه متّهما نظام السّيسي بقتله.
للدّكتور الشهيد محمد مرسي خمسة أبناء، أسامة وهو معتقل منذ 13 سبتمبر 2015، عمر وهو في المهجر، أحمد وشيماء ويحملان الجنسية الأمريكية الّتي تبدو أنّها تحصّنهما من ممارسات النّظام الانقلابي، أمّا عبد الله فهو الأصغر وهو الوحيد الّذي بقي يلازم والدته نجلاء محمود خنساء مصر تلك الفاضلة الّتي تعاقبت عليها المصائب من كلّ صوب وحدب لتبقى صامدة محتسبة صابرة.
زوجة فقدت زوجها غدرا وغيّبوا ابنها ظلما ونفوا الآخر قهرا لتودّع فلذة كبدها الأصغر اليوم.
الشّاب عبد الله مرسي كتب حين تولّى أبوه الرّئاسة: متوجّها إليه بالخطاب: “نطيعك ما أطعت الله فينا، ونعصيك ما عصاك الله فينا، نثور عليك إن خالفت الثّورة وأهدافها ونثور عليك أن لم تأت بحقّ الشّهداء والمصابين”.
لم يصمت عبد الله بعد اغتيال أبيه وكان صوتا صادعا بالحقّ مزعجا إلى حدّ كبير للعصابة الحاكمة، وقد نشر يوم 14 أغسطس تدوينة كشف فيها عن أسماء 15 مجرما ممّن خطّطوا لمجزرة رابعة، اعتقل صبيحة هذا اليوم 4 سبتمبر ليحقّق معه لمدّة ساعات وليطلق سراحه بكفالة، عبد الله لم يعرف عنه أنّه يشكو من مشاكل صحّية وهو ذو الأربعة والعشرين ربيعا ولو أنّه غير مستبعد حدوث أزمة قلبية لمن في مثل سنّه في زمننا هذا زمن القلق والموت الفجئي خصوصا في بلد مثل مصر، بلد القمع والضّغوطات والاكتئاب، بيد أنّ لا يمكن تصديق من احترف الكذب وتعوّد المغالطات والدّجل ومن استهان بحرمة النّفس البشريّة.
عبد الله كان يقود سيّارته وأصيب فتشنّجات مفاجئة ليتمّ نقله الى احدى المستشفيات الخاصّة بمنطقة حدائق الأهرام حيث توقّفت عضلة القلب بالرّغم من محاولات انقاذه مع العلم بأنّه تمّ التّحقيق معه في صباح نفس اليوم.
من ظلم وقهر وعذّب وقتل ومثّل بالجثت وسرق ونهب وخان العهد وانقلب وباع أرض مصر بمن فوقها وما تحتها، ببحرها ونيلها، ليس مستغربا منه أن يتخلّص من شاب يافع مثل عبد الله وكلّ الطّرق تؤدّي إلى الموت.
مات الرّئيس مرسي ليلتحق به ابنه الأصغر ونحتسبهما شهيدين بإذن الله، ان العين لتدمع وإن القلب ليحزن ولا نقول إلاّ ما يرضي الله، اللّهم ارحمهما برحمتك الّتي وسعت كلّ شيء واربط على قلب أمّه وارزق أهله وذويه ومحبّيه جميل الصّبر والسّلوان وانتقم ممّن ظلمهم، صبرا آل مرسي.

اترك رد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock