تدوينات تونسية

بدعة الشاهد الشعبويّة باقتراح حذف حصانة الرئيس والنواب..!!

عبد اللّطيف درباله

يوسف الشاهد.. وبالتوازي مع أعماله الخارقة للديمقراطيّة باستعمال غطرسة السلطة.. يواصل قراراته وتصريحاته الشعبويّة في محاولة سخيفة لجمع الأصوات بأيّ طريقة..!!
فقد صرّح اليوم بأنّه يريد حذف حصانة رئيس الجمهوريّة ونواب البرلمان..!!!
حصانة النواب هي من أسس الديمقراطيّة في كلّ بلدان العالم..
وهي شرط من شروط ممارسة السلطة التشريعيّة لمهامها ودورها الرقابي على الوجه الأكمل..
فالنائب مطلوب منه أن يكون جريئا.. وأن يكشف الحقائق.. وأن ينقد.. وعند اللّزوم أن يهاجم.. وأن يتّهم.. السّلطة والرؤساء والحكومة وأعضاء الحكومة وغيرهم..
لذا يجب أن يكون النائب مطمئنّا تماما على سلامته الشخصيّة وهو ينوب الشعب ويمارس مهامه الرقابية..
والحصانة تعطيه تلك الطمأنينة والضمانات..
وإلاّ فإنّه سيصبح خائفا من كلّ عمل رقابي أو تصريح أو تصرّف أو نقد..!!
وبغياب الحصانة.. سيجد النائب نفسه تحت طائلة التتبعات العدليّة من جميع الأطراف يحقّ وبدونه.. عدا الشكايات الكيديّة.. والإجراءات التي قد تتخّذها السلطة الحاكمة ضدّ النواب المعارضين خاصّة.. وهو ما سيمثّل هرسلة للنواب.. إذا ما وجدوا أنفسهم كل يوم ماثلين أمام الأمن والقضاء.. يجابهون إجراءات قضائية لا تنتهي.. مما يفرغ السلطة التشريعية من قيمتها.. ويجعل النواب مشغلولين بمجابهة التتعبّات القضائيّة عوض الإنشغال بممارسة سلطتهم التشريعية ونيابة الشعب..!!
وإنّ تجاوزات بعض النواب وتمسّكهم بالحصانة للتهرّب من العدالة والمحاسبة.. لا يجب أن تكون مبرّرا لاقتراح عدم تمتيع النواب بالحصانة مطلقا..!!
نفس الشيء بالنسبة لرئيس الجمهوريّة.. فكيف تتخيّل رئيس جمهورية منتخب من غالبية الشعب.. ويمارس مهامه السامية العليا.. وهو يجابه في كلّ وقت شكايات واتّهامات وتتبّعات قضائيّة وأمنيّة..!!
وماذا لو استغلّت جهات سياسيّة أو غيرها عدم تمتّع رئيس الجمهورية بالحصانة وقاموا بهرسلته بطريقة ممنهجة.. عبر تعمّد رفع شكايات مختلفة ضدّه.. حتّى ولو بلا سبب جدّي أو حقيقي..
هل يجب أن يجد رئيس الجمهورية الوقت والجهد وراحة البال لممارسة مهامه الرئاسيّة المتعلقة بحماية الدستور والسياسة العامّة للبلاد والأمن القومي والدفاع الوطني.. على الوجه الأكمل.. أم سيتفرّغ حينها للدفاع عن نفسه ضدّ القضايا المرفوعة في شأنه كلّ يوم.. خاصّة في الجوّ السياسي العام المشحون الذي تعيشه تونس هذه السنوات في فترة الانتقال الديمقراطي..؟؟؟!!!
الحصانة ليست ميزة.. حتّى ولو أسيء استعمالها من البعض أحيانا.. لكنّها من شروط الديمقراطيّة في كلّ الأنظمة السياسية.. مثلها مثل الانتخابات وسريّة التصويت والخلوة والاقتراع العام المباشر وغيرها.. وقيام يوسف الشاهد برفع شعار حرمان رئيس الجمهورية ونواب البرلمان من الحصانة.. هو مجرّد بدعة.. وليس دعما للديمقراطيّة.. بل هو على العكس من ذلك خرق لها.. وضرب لمصالح الشعب التونسي.. وهو مجرّد شعار شعبوي سخيف وتافه في حملة انتخابية.. والغرض منه دمغجة عامّة الشعب..!!
والغريب.. بل الطريف والمضحك.. أنّ يوسف الشاهد الذي ينادي برفع الحصانة عن النواب ورئيس الجمهورية.. هو نفسه ضمّ نوابا في كتلته البرلمانية التي انتزعها من كتل وأحزاب أخرى باعتماد “السياحة البرلمانيّة”.. هم أنفسهم موضوع أبحاث أمنية وتحقيقات قضائيّة.. وقد تمسكّوا بالحصانة في مواجهتها..!!
كما أنّ رئيس الحكومة يوسف الشاهد نفسه هو موضوع عدّة شكايات قضائيّة لا تزال تراوح مكانها بفعل منصبه وسلطته..!!
وعدّة أعضاء بحكومة الشاهد من وزراء وكتاب دولة.. هم أيضا محلّ تتبعات قضائيّة لا تزال بطيئة بفعل “الحصانة الفعليّة” التي يتمتّعون بها بفضل الشاهد نفسه..!!
كما أنّ عددا من ممولّي حزب يوسف الشاهد وقياداته والمرشّحين على قائماته في الانتخابات التشريعيّة هم أيضا موضوع تتبعات قضائيّة..!!

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock