تدوينات تونسية

الثورة لا تأكل أبناءها.. الثورة تأكل أبناء الكلب !

نصر الدين السويلمي

يقال ان احد صعاليك الكوفة وشجعانها، كان على دراية بالأنساب، اعتزل الجميع وعكف على الخمر يعاقرها، وكان اذا جدت معركة بين أحد المكونات الرئيسية للخلاف “الامام علي – الخوارج – معاوية” وحين يصحو من سكرته يسأل زوجته: فلان وفلان وفلان “اراذل الكوفة” مع من؟ اذا قالت له انحازوا الى الخوارج، قال لها ناوليني السيف والمزود سألتحق بمعسكر علي، لم تترك له الخمر فرصة ليتعرف على الحقيقة ويسأل ويمحص، فاتخذ اراذل الكوفة بوصلة معاكسة، إذا غربوا شرق وإذا شرقوا غرّب، حتى قال فيهم مرة “اسأل الله ان لا يذكروا امامي القران بخير فقد نويت أن أموت على ملة الإسلام”.
كذلك دخل عماد الدايمي في معركة مع قروش الاتحاد، فانظروا أين انحاز السفهاء وانحازوا لغير وجهتهم، فإنه لا يجتمع السفيه والشريف في صعيد واحد.
تلك معركة تدور هذه الأيام بين النائب عماد الدامي وقيادات من الاتحاد العام التونسي للشغل على خلفية شبهات فساد، مدار المعكرة لا دخل له بالمنافع والمكاسب والامتيازات الشخصية، هو الشأن العام لا غير، وهي مصلحة البلاد لا أكثر، تلك معركة تدور لحساب تصفية آخر الجيوب المستعصية على الدولة، والتي ترغب في بناء كيان موازي خارج دائرة المراقبة، جزيرة تحمي مصالحها الغير قانونية من سلطة القانون، وهذا لن يكون بعد ثورة الشعب، إذْ لا شيء غير الشفافية والخضوع التام والغير مشروط للمحاسبة، من غير ذلك فهو التمرد الذي قد يغري مؤسسات اخرى واخرى ومن ثم اخرى.. فينخرم ما سبق وبنته الثورة.
في لحظة غباء استثنائية، وخلال طفرة بلاهة وتحت اقدام السذاجة، قدم “محمد بوغلاب” تزكية فريدة للنائب عماد الدايمي، حين قال “الدايمي الّي يحارب في الفساد في تونس يستجدي للحصول على سكن اجتماعي في باريس” فالحمد لله ثم الحمد لله ثم الحمد لله أن بعض قيادات الأحزاب وكبار المسؤولين السابقين في قصر قرطاج، ليسوا بصدد ادارة ثرواتهم التي اكتسبوها من المال السياسي الحرام، وليسوا بصدد السفر لقضاء العطلة في فيلاتهم الفخمة المنتصبة في أحياء البذخ الباريسية، وليسوا بصدد عقد الصفقات في برج خليفة مقابل خدمات الخيانة التي قدموها لغرفة الحقد الزايدي خلال مباشرة مناصبهم الحساسة في قصر الضاحية الشمالية.. وانما هم بصدد السعي للحصول على سكن اجتماعي لا تعطيه الدول الأوروبية إلا لأصحاب الدخل الضعيف.
والآن !! إذا كان النيل من عماد على شرط الفقر والخصاصة، فلا يهمنا نحن فقراء تونس، أن تسولنا او جعنا او تهنا أو متنا، لا شيء يهمنا ما دمنا قد حققنا في هذه الحياة اقصى ما نطمح اليه، لا تهم الدنيا وما فيها، ما دمنا ارسلنا اليكم مِن فقرائنا مَن يمرغ انوفكم بعود ثقاب، ويقذف بكبيركم الى صحراء الحجاز، ما دمنا قد جلبنا الصحراء الى قرطاج وطوعنا القصبة الى الجنوب، ما دمنا خرجنا من السجون الى السلطة، وخرجتم من السلطة الى النعيق والفحيح والخوار والصرير والنقنقة والغثاء والمواء والصفير والطنين والنباح… ستحتاجون إلى المزيد من الوقت حتى تتاكدوا ان سبعطاش ديسمبر ليست 25 يناير، وأنها ثورة لا تأكل أبناءها بل تاكل أبناء الكلب، ستحتاجون إلى شيء من الزمن حتى تتيقنوا أن سبعطاش ديسمبر حطمت سلم ريختر، دشدشته وسخرت من “تشارلز فرانسيس ريختر” نفسه ومرت بلا رقيب.. تحتاجون بعد زلزال الثورة الى وحدة قياس جديدة تحترم قوة وهيبة وعظمة سبعطاش ديسمبر.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock