لن أنسى لها ذلك أبدا

الطيب الجوادي

عندما يرنّ الجرس معلنا عن بداية حصة اختبار الباكالويا، ينغمس التلاميذ في اختبارهم وأحلق أنا بعيدا بعيدا إلى حيث حقول القمح المترامية في قريتي الكافية البعيدة، إنه موسم الحصاد،،
يتناهي لي صوت هنيّة تستحثني أن أسرع في نقل حزم السنابل إلى البيدر على ظهر حمارنا، قبل اشتداد الحرارة وتحذرني من مغبّة التأخر في العودة او ترك الحمار وشانه ومعابثة نعيمة التي كلفتها بتهيئة طعام الغداء، وكما في كلّ مرّة، وبمجرد أن رصفت السنابل في البيدر تركت الحمار وأسرعت إلى نعيمة التي وجدتها تنضج الخبز على الغناي وتدندن باغنية كافية شجية، قرفصت قريبا منها وطلبت منها أن تسعفني بجلف كسرة وحلاب لبن، فجاءتني بهما وطلبت مني أن انصرف في حال سبيلي وأعود الى الحقل لنقل السنابل، ولكني أصررت على البقاء بجانبها “في الرّواح”، وعندما انتهيت من الأكل اسرعت الى حيث الحمار فلم أعثر له على أثر ! فقد نسيت ان أشدّ وثاقه! مما يعني أننا لن نتمكن من نقل حزم القمح، لانه من العبث البحث عن الحمار في هذا الحرّ، فمن عادته عندما يجد نفسه طليقا ان يلتحق بالحمير التي ترعى بعيدا قرب الجبل، ولا يمكن استرداده الا بعد عناء وجهد،، عدت لنعيمة باكيا، ضاربا كفّا بكفّ وقد أُسقط في يدي، طلبت مني نعيمة ان اراقب الجراذق في الطابونة، وخرجت لتعود بالحمار بعد ثوان قليلة فقد كان رابضا تحت شجرة التفاح،،،
لن أنسى لها ذلك أبدا، فقد انقذتني من ورطة لا مخرج منها
يطلب احد التلاميذ ورقة مسودة، فيعيدني الى القاعة الساكنة،،، الصامتة.

Exit mobile version