الحراك الشعبي الجزائري، و تواصل المسيرة

بشير بوسودة
محطة نضالية شعبية جديدة تعيشها المنطقة يرسم معالمها الشارع الجزائري،
ابرز ما شد انتباهي في الاحداث الجزائرية هو درجة سلميتها الاستثنائية، والقدر العالي من ضبط النفس الذي تحلى به المحتجون والسلطة وإقصائهم للعنف على امتداد فترة الاحتجاجات، وهو استثناء تاريخي جديد يصنعه الجزائريون. ان التحول في تعاطي أنظمة المنطقة مع الشارع ما هو الا اكراه قد فرضه هذا الأخير عليهم، وهي عملية انضاج للتحركات الشعبية، في منطقة لم تعرف يوماً استقراراًً الا على حساب حقوق شعوبها. ان المتمعن في التاريخ الحديث يرى بوضوح اننا لم نكن يوماً منطقة استقرار جماهيري وسياسي بل مسرحاً للعديد من التحركات والانتفاضات الشعبية، وساحة جدال فكري وتنازع نفوذ اقتصادي ومحاولات هيمنة سياسية…
وما يجري اليوم في الجزائر جولة جديدة من هذه التحركات و مرحلة تحرر وطني أخرى بقيادة الشعب الجزائري العظيم، ليأكد مجددا على حيوية شعوب المنطقة و انها مازالت مستمرة في سعيها للانعتاق، سنلمس قريبا آثار الاحداث في الجزائر على المشهد السياسي التونسي الذي أصبح البعض يراهن فيه على انطفاء عزائم التونسيين و انكسارهم امام الواقع السياسي الرث، و اصبح الحديث عن فشل التجربة التونسية أمر مسلم به، لتأتي نسائم التجديد و قلب الحسابات مجدداً من الشارع الجزائري و بنفس المطالب و الشعارات و الطموحات التي نادا بها التونسيون منذ 8 سنوات لكن بلمسة و روح جزائرية. فالثورة ليست حدثا طارئا؛ انما هي قناعة شعبية عامة بضرورة التغيير يليها فعل مستمر في الزمان و متجدد لا يكاد يهدأ حتى يبعث من جديد، و تتميز سيرورة الثورات بافرازها لحلول تنضج عبر سلسلة من الرجات الفكرية و الاجتماعية والاقتصادية و الثقافية، و هذا ما تعيشه بلدان شمال افريقيا منذ عقود و قد ارتفعت الوتيرة منذ أعوام مما يأذن بحقبة جديدة ستكون الارادة الشعبية هي المحدد لمعالمها.

Exit mobile version