تدوينات تونسية

زواحف قد تصلح لحفظ النوع…

نور الدين الغيلوفي
(إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ)
وقليل ما هُمْ..
من فضائل الثورة أنّها أشاعت الحرية فصار جميع التونسيين يتنفّسونها.. وحتّى أعداء الحرية، بعد صدمتهم وانكماشتهم مع هروب صانعهم، عاودوا انتشارهم ليستأنفوا حياتهم في مناخ لم يعهدوه، بعد أن تلوّثت جِبِلّتُهم في عمر مديد من الزغاريد والرقص على طبول الفرح الزائف، عادوا ليمارسوا فعلا يشبه الحرية بعد أن كانت الحرية فعلا معطّلا لديهم بسبب ما شبّوا عليه من عقول معطّبة.. وقبلت بهم الثورة يأكلون من ثمرها ويرجمونها بكلّ ما ملكت أيديهم من بذاءة وقرف وفساد ذوق…
بعض هؤلاء لم يستسغ أن يرى شجرة الحرية تينع في البلاد.. وقصارى ما رأى منها كومة “قرط” لم يتعاطَه بغير فعل “البَشَمِ”.. ذاك صنف عُجينته التكوينية مخلوطة بالذلّ لم يتدرّب على غير الوشاية نشاطا ولم يتربّ على غير “القوادة” بمعانيها الأوائل والثواني.. بل يكاد يرى في استقامته على رِجْلَيْن ترفا لأنّه يقنع بمقام الزواحف لا تحتاج أرجلا ترفع عليها قاماتها.. وما حاجة الزواحف إلى أرجل وهي لا تتقن الارتفاع ولا تحتاجه؟
خرجت الحثالات المتبقية من زمن القبح من جحورها تجرّب حرية لا تفهمها وتستثمر دستورا لا تراه وتعيش قانونا لا تدركه تجوب البلاد طولا وعرضا على أحصنة وبغال وحمير تجرّ عجائز فقدوا الذاكرة ترهقهم نزولا وصعودا، تتوعّد بهم التونسيين بالويل والثبور وعظائم الأمور وتلعن الثورة وما جاءت به وتشتم الحرية وما جادت به في مشاهد غباء تدعو إلى الإضحاك.. كقردة جيئت بمناشير تقطع بها أغصانا تُقعي عليها…
هؤلاء حشرات سامّة تتسرّب من بعض الأقنية داخل بيت لا يزال يحتاج جهدا كبير ليصل مرحلة التعقيم حتى يجد سكانه سبيلا إلى الحياة..
على أن تلك الحشرات يحتاجها ساكنو البيت تحقيقا لتوازن بيئيٍّ يحفظ النوع.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock