مقالات

صفقتان: صفقة للخبثاء وصفقة للأغبياء

أبو يعرب المرزوقي
هذا نص قصير وقصير جدا أصف فيه صفقين الأولى للخبثاء وهم صهاينة اليهود في الإقليم والثانية للأغبياء وهم صهاية العرب وذلك بمساعدة دور توهمته إيران وروسيا دهاء سياسيا يمكنهم من احتلال الهلال لظنهم أن أمريكا وإسرائيل سلمتا لهما الإقليم ولم يدريا أنهما استعملا جرافة تمهد للصفقة. وسيكتشفون أنهما هما بدروهما لا يقلان غباء عن صهاية العرب.
فمن البين أن قرار ترومب” :

  1. نقل السفارة والاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.
  2. وقراره الاعتراف بإسرائيلية الجولان.
  3. وقراره بتوطين اللاحجئين حيث هم.
  4. وقراره بأحذ بعض الأردن وبعض مصر بعض السعودية والتصرف فيها كأنه رزق والده المجرم مثله.
  5. كل ذلك هو ثمرات صفقة القرن التي مثلوا التمهيد لها بالحرب على ثورة شعوب الإقليم من أجل تحقيق شروط الحرية والكرامة.

فكيف لا يكون ذلك مفيدا لوحدة العرب؟ حتى نفهم المشكل المتعلق بمواقف العرب والذي يتألف من صفقتين واحدة للخبثاء والثانية للأغبياء فلأقلب السؤال: إذا حسبنا خسارة كل العرب في الأقليم فما الذي يجعل بعضهم يوافق على الصفقة بل ويروج لها وهي لم تترك أيا منهم دون ضرر حقيقي له مثل فلسطن بل وأكثر لأنها على الأقل ما تزال تقاوم ولا تقبل هذه الصفقة حتى وإن كان الانقسام يحول دون استراتيجية موحدة يمكن أن تساعد على الصمود.
كلما حاولت أن أفهم فائدة المروجين للصفة ما هي لم أجد جوابا إلا ما لا يبدو فعلا معقولا ولا يصدقه عاقل إلا إذا كان بغباء أميري الثورة المضادة. وسأفترض ذلك وأجري على الله: هل يكون ترومب وصهره وعداهم بأخذ قطر واليمن مقابل ذلك؟ فأنا أجد لغزا آخر غير مفهوم في حربهم على قطر واليمن. وقد كنت أفهم أن حرب اليمن كان لها مسوغ لما كنت أتصورها معللة على الأقل بأمرين:

  1. معركة تخص السعودية بالذات بسبب الخوف من حزب جنيس لحزب الله على حدودها وهو من أهداف إيران دون أدنى شك.
  2. ومعركة تخص استعادة الحكومة الشرعية ضد انقلاب الحوثي لأن هذين الدافعين وجيهان وشرعيان حقا.

لكن ذلك لم يكن كذلك ولا يكفي لفهمه عجز العسكر ورداءة الاستراتجية وقلة الخبرة بالتصدي لحروب العصابات. والحرب على قطر لم يكن لها ما بدا في الأول من وجاهة لحرب اليمن. وما يجري في اليمن هو الذي يساعد على فهم الحرب على قطر. فكلا البلدين المحاربين لليمن يبحثان عن تفكيكه واحتلاله والاستفادة من ممراته وليس محاربة الحوثي أو استعادة الشرعية بل يمولون الحوثي ويطيلون عملية تفتت اليمن.
وإذن فاللغز الأول -تأييد الصفقة- يفسره اللغز الثاني الوعد بتركهم يحتلون قطر واليمن. بالتونسي يسمى هذا “من زيته يقليه”: يعوض المجرمين العرب بما يعطيه للمجرمين الإسرائيلين من أرض العرب في الحالتين. وطبعا ما يعطيه لإسرائيل ثابت وما يعد به المجرمين العرب في قطر واليمن ليس ثابتا.
فاليمن على فقره وتفرق قبائله سينتهي في الأخير إلى قبرهم في تضاريحه التي لن ينجح فيها من يحارب بالمرتزقة الذين كما هو معلوم من مصلحتهم إطالة الحرب وعدم التعرض للخطر بحيث إنهم لن يحققوا لهم المطلوب. أما قطر فقد هزمتهم بعد ثم هي استعانت بتركيا التي تهزمهم حتى بزأرة واحدة.
وآتي الآن إلى حمار الشام: ماذا بقي من سوريا التي يدعي أنه انتصر في حربه على شعبها؟ الشمال أخذه الأكراد والجنوب أخذته إسرائيل والغرب أخذته روسيا والباقي اخذته إيران ومليشياتها. بقي له القصر الذي يحكمه حراس إيرانيون سيقتلونه لو أراد حتى التعبير عن أوهامه التي لا تتفق مع أوهامهم؟
وما سيبقى لبقايا الصليبيين الذين تحالفوا مع حزب الله من لبنان؟ فبعد فشلهم في الحلف مع إسرائيل سيكتشفون أن حلفهم مع حزب الله وإيران نكبة أكبر من نكبتهم في الحلف مع إسرائيل وأكبر حتى من نكبتهم القديمة في حلفهم مع الصليبيين هم ونفس المليشيات الباطنية من بقايا الدولة الفاطمية حليفة الصليبية.
فالفلسطينيون إن تمت الصفقة سيوطن منهم نصف مليون أو ربما أكثر في لبنان وستتغير المعادلة الديموغرافية على حساب الحليفين لأن جل الفلسطنينين سنة حتى وإن كان التعامل الغبي لحماس معهما ليس سياسة رشيدة كما عبرت عن ذلك صراحة للاخوة من قادتها في عديد المرات لأنه يجعل فلسطين مجرد ورقة في مفاوضات إيران لضمان بقاء نظامها تماما كلبنان واليمن والعراق.
فلو كان للمروجين للصفة أدنى حد من الفهم والعقل لكانت أساسا لوحدتهم لأنهم مطالبون -ناهيك عما يخص فلسطين الذي سنقبل أنهم يتفصون من المسؤولية فيها- بأن يعطوا قطعا من أرضهم وبأن يوطنوا اللاجئين في بلادهم وبأن يمولوا مشروعات إسرائيل لحل معضلتهم دون أدنى مقابل.
آه. كدت أنسى أنه يوجد مقابل بقي مع ذلك للأميرين الأحمقين أمير سبارطا وأمير 2030 وجنته المشتق اسمها من “النوم” اقتصارا على الصوت في البحر الأحمر. فما سمعت في حياتي بشرا يبلغ بهم الحمق أن يتصوروا أنفسهم لاعبين دوليين وهم في عصر القبلية التي تحكمها المخابرات الغربية تماما كما الأمر في بداية القرن عندما خطت سايكس بيكو وكونت هذه المحميات.
فلا أحد من المربع الذي يدير الثورة المضادة والذي هو عميل لإسرائيل وإيران وروسيا وامريكا ليس وراءه بل وقدامه لاورنس جديد ومعه مرتزقة من كل حدب وصوب وهو الذي يحركه كما تحرك الدمى وهذه المرة بمقابل باهض نقدا وليس كما كان في بداية القرن الماضي وعدا عندما كانوا فقراء ليس لهم بترول ولا غاز: فبلار ومن كان ممثلا للأمم المتحدة في ليبيا مثلا لاورنسان جديدان.
ولست بحاجة لإثبات ذلك بالنسبة إلى أي منهم: فالسيسي دمية ناتن ياهو وأمير المنشار دمية صهر ترومب وملك البحرين دمية الدمى وأمير “سبارتا” دمية بلار. وهؤلاء جزاؤهم بقاؤهم على الكراسي رغم أنف شعوبهم ودفع الجزية لترومب الذي أعلن أنهم من دون حمايته يسقوطون في أسبوع أو اثنين على الأكثر.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock