عبد القادر عبار
سال حبر كثير وتعالى جدل مثير انتصارا لابن عربي على إثر إهانته المعنوية بإزالة لوحة تحمل إسمه لشارع واستبداله باسم “صربيا”.. والأصابع تتجه إلى توريط زميلته في “المشيخة” شيخة بلدية العاصمة.. فهل ظلمته “الأنثى” التي رشحها للقطبيّة.
الغريب والمفاجئ أن من يُعرف بسلطان العارفين.. تمثل الأنثى في تفكيره قضية مركزية وذلك لما تمثله من الحب إذ الحب عنده أساس للوجود وهو يرى أن النساء زهرات حيث كن فإذا كن في الذنيا كن زهرة الحياة الدنيا لا يقع النعيم إلا بهن وهو يرى أن الأنثى جديرة بحق الولاية الصوفية وأن تكون قطب الزمان وهو ما يستنتج منه أنه لم يكن من صف الذين يرفضون حق المرأة في الولاية السياسية أو ولاية القضاء.
وإجلاله للأنثى وتوقيره لها يبدو أنه قد غذّاه لديه ما رآه من دور أمه “نور” وانتصارها له على خلاف أبيه عندما قرر الإنخراط فى سلوك طريق التصوف، والتفرغ له حيث أنها شجعته على المضىّ في الدرب الذي اختاره. والمفاجئ من سيرته أنه كان قد تتلمذ صوفيا على متصوفة مسنّة تدعى “فاطمة بنت المثنى” وكانت أمه تزورها تتفقده عندها وتوصيها بابنها خيرا..
كما متّن هذا الإنحياز للأنثى لدى “سلطان العارفين”، ثاني شيوخه من المتصوفات وتكنى بأمّ الفقراء حيث انبهر بها إنبهارا عجيبا وذلك لما رأى من سعة علمها التصوّفي وعبادتها وصبرها على الطاعة صلاة وصوما وعجائب خواطرها وغرائب مكاشفاتها وقد مدحها قائلا :
“لم أرَ أحدًا من الرجال كان يقدر على ما تقدر عليه من العبادة. وهى من أكابر المجتهدات. كانت، كثيرة الوصال فى الصوم، على كبر سنها. أدركتها وهى فى الثمانين. كانت تتكلم عن الخواطر، صحيحة المكاشفة. رأيت لها عجائب !”.
فالأنثى.. وطنٌ عند ابن عربي.. ولا يزال الأحرار يحنون إلى أوطانهم.. إذا اغتربوا.
فهل ظلمته الأنثى التي كان يناضل من أجل تعزيز مكانتها في المجتمع والسياسة والحكم ؟
أبسط المعروف أن تردوا معلقة إسمه إلى موطنها الأول ولا تؤذوه في مضجعه.. ولا تعكروا سكينته في برزخه.
اكتشاف المزيد من تدوينات
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.