مقالات

الحياة ورديّة فاقعة في تونس.. في عهد.. وفي نظر.. يوسف الشاهد..!!!

عبد اللّطيف درباله
اضطرابات واحتجاجات ومظاهرات في مناطق مختلفة من الجمهوريّة تتصاعد حينا وتخفت حينا..!!
كرّ وفرّ متواصل بين المحتجّين والأمن.. واعتقالات وإيقافات.. !!
مواد أساسيّة كالحليب والزبدة والزيت المدعوم والسميد وغيرها الكثير شبه مفقودة منذ أشهر طويلة..
النقص في الأدوية يتواصل بدوره منذ أشهر وإن تراجعت حدّته..!!
أسعار المواد الأساسيّة من خضر ولحوم ودواجن تلتهب بأتمّ معنى الكلمة..!!
محدودي.. بل ومتوسّطي الدخل أيضا.. لم يعودوا قادرين على مجابهة مصاريف أكلهم وعلاجهم وتعليم أبنائهم..!!
الغلاء يلتهم القدرة الشرائيّة للطبقات الفقيرة.. ويضعف قدرة الطبقات الوسطى أيضا..!!
الحزب الحاكم منقسم.. وبخلاف شقوقه السابقة العديدة والمتناحرة.. فقد برز جناحان رئيسيّان جديدان.. أحدهما يقوده رئيس الحكومة ويطمح ليكون نواة حزب جديد.. والآخر يقوده رئيس الدولة وابنه رئيس الحزب.. وهما يتصارعان على السلطة بضراوة شديدة..!!
الإتّحاد العامّ التونسي للشغل ينظّم إضرابا عاما جزئيّا أوليّا في نوفمبر الماضي.. ويبرمج إضرابا عامّا جديدا شاملا يوم 17 جانفي القادم.. سيشمل كلّ القطاعات.. بما فيها الوزارات والإدارات والتعليم والمؤسّسات والشركات العموميّة والتعليم بجميع مراحله والنقل البرّي والبحري والجوّي وإدارات القضاء والمحاكم والصحّة.. بما سيشلّ البلاد تماما ويغلقها لمدّة 24 ساعة..!!
مؤسّسات وشركات عموميّة تؤمّن مرافق عامّة وخدمات حيويّة للمواطنين تعجز عن خلاص مستحقّاتها الماليّة وأجور العاملين بها.. والدولة تعجز عن توفير الدعم المالي المعتاد لها..!!
البنوك الخاصّة.. وحتّى البنوك العموميّة.. أصبحت ترفض إقراض المؤسّسات والشركات العموميّة باعتبار عجزها عن خلاص ديونها السابقة.. وعدم الثقة في قدرتها على السداد مستقبلا..!!
الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي يضرب عقلة على ممتلكات وأموال العديد من المؤسّسات والشركات العموميّة.. يعني بعبارة أخرى الدولة تعقل على الدولة لاستخلاص ديون الدولة..!!
الحكومة تعجز عن خلاص مزوّديها والمتعاونين معها.. وتعجز عن خلاص مستحقّات الشركات والتجّار من الفائض في الأداء على القيمة المضافة المسترجع.. وتعجز عن توفير مبالغ الدّعم المستوجبة عليها للشركات الخاصّة وللمؤسّسات العموميّة.. وتبلغ قيمة كلّ ذلك آلاف ملايين الدّينارات.. بما يؤثّر على القدرات الماليّة لتلك الشركات ويضعفها ويفلس الكثير منها.. وتؤثّر سلبا على الدورة الإقتصاديّة بمجملها..!!
تأخّر صرف أجور عدّة قطاعات في الوظيفة العموميّة أو شبه العموميّة عن مواعيدها المألوفة عدّة مرّات طيلة الأشهر الأخيرة..!!
المتقاعدون قلقون على جرايات تقاعدهم في المستقبل لإفلاس صندوقهم..!!
الصناديق الاجتماعيّة مفلسة..!!
أغلب الصيدليّات تمتنع عن صرف الدواء للمواطنين المنتفعين بمنظومة الصندوق الوطني للتأمين على المرض.. لأنّها غير خالصة في مستحقّاتها الماليّة من الصندوق منذ أشهر طويلة.. والحكومة محتارة ولا حلول لديها..!!
الصيدليّة المركزيّة تعاني خسائر بمئات ملايين الدينارات.. وأصبحت لا تملك السيولة الماليّة اللاّزمة لشراء وتوريد الكميّات الكافية من الأدوية.. وشركات أدوية عالميّة ترفض تزويدها بالدواء قبل الدفع..!!
الميزان التجاري منخرم جدّا برغم كلّ ترسانة الإجراءات الحمائيّة الإستثنائيّة المزعومة..!!
والعجز المالي في تزايد بمليارات الدينارات..!!
رصيد تونس من العملة الصعبة محدود وفي تراجع..!!
والدينار التونسي يواصل الانهيار بخطوات ثابتة وسريعة.. وقد فقد في سنة واحدة أكثر من 18% من قيمته أمام الأورو وأكثر من 27% أمام الدولار..!!
الأورو بحوالي 3.525 دينار.. والدولار يناهز 3.090 دينار..!!
الديون الخارجيّة تبلغ مستويات قياسيّة.. وترتفع في السنتين الأخيرتين بنسب غير معتادة..!!
ومجرّد خدمة الدين العام تبلغ ما يناهز 10 مليار دينار في سنة واحدة.. أي حوالي ربع ميزانية الدولة..!!
الدولة.. ولأوّل مرّة منذ عقود.. تقترض خلال العامين الأخيرين من البنوك التونسيّة الخاصّة مبالغ بمئات ملاين الدينارات..!!
أغلب المؤشّرات الإقتصاديّة في تراجع خطير منذ سنتين..!!
الاقتصاد متأزّم برغم كلّ محاولات الإنعاش الحكوميّة الساذجة والفاشلة..!!
لا توجد أيّ مشاريع كبرى.. أو إصلاحات عميقة للاقتصاد التونسي.. أو بداية تنفيذ إستثمارات جديدة قيّمة.. قد تمثّل فرص انتعاشة قادمة عندما تثمر ولو بعد سنوات.. وتعطي الأمل في تحسّن الأوضاع مستقبلا..!!
أغلب خبراء الإقتصاد الموضوعيّين يؤكّدون بأنّ سياسة حكومة الشاهد الإقتصاديّة ساهمت في حصول “الكارثة”.. وأنّ إجراءاتها في محاولة مجابهة الأزمة مغلوطة.. وأنّ ما تعتقد أنّه حلول.. هو مجرّد تعميق للأزمة..!!
قانون الماليّة لسنة 2019.. تماما كسابقه في سنة 2018.. هو مجرّد أفكار ترقيعيّة للعجز في الميزانيّة الناتج عن غياب برنامج للدولة أو أيّ خطط تنمية حكومية أو بعث للإستثمار أو خلق للثروة أو دفع للاقتصاد.. وذلك فقط بمزيد إثقال كاهل المواطنين والشركات وغمرهم بالجباية والضرائب والأداءات والمعاليم المختلفة..!!
وصول الفساد إلى درجات عالية جدّا.. وتغلغله أكثر في كلّ شرايين الدولة.. برغم جميع مزاعم و”مسرحيّات” الحكومة عن حملات مقاومة الفساد ومطاردة الفاسدين..!!
أساتذة التعليم الثانوي يواصلون تحرّكاتهم الإحتجاجيّة.. وقد امتنع أغلبهم عن إجراء الفروض التأليفيّة للثلاثي الأول.. وامتنع أغلب من أجراها عن تقديم الأعداد للإدارة.. ووزير التعليم يهدّد بثلاثية بيضاء.. فتردّ نقّابتهم بالإعلان عن مقاطعة امتحانات الثلاثيّة الثانية أيضا منذ الآن.. العاديّة والتأليفيّة.. وشبح سنة دراسيّة بيضاء يخيّم..!!
أساتذة التعليم العالي يهدّدون بدورهم بالإضراب والاحتجاج بالامتناع عن إجراء الامتحانات الجامعيّة للسداسيّة الأولى المبرمجة لشهر جانفي..!!
والحكومة في ما يخصّ أزمة التعليم الثانوي والعالي.. تنتهج سياسة النعامة وكأنّها لا ترى ولا تسمع ولا تتكلّم..!!
قطاعات وظيفيّة ومهنيّة عديدة أضربت واحتجّت.. أو هي تستعدّ لذلك قريبا.. بمن فيهم المحامين والأطبّاء والخبراء المحاسبين..
والمهندسون يعلنون الاستعداد للاحتجاج والإضراب قريبا إن لم تنفّذ الحكومة وعودها السابقة لهم..!!
نزيف الاستقالات يتواصل بنسق تصاعدي غير مسبوق طيلة السنتين الأخيرتين.. في قطاعات عموميّة إستراتيجيّة مثل الأطباء والقضاة والأساتذة الجامعيّين والتقنيّين السامين والمهندسين والمديرين..!!
هجرة الأدمغة التونسيّة إلى الخارج تصل مستويات قياسيّة في العامين الأخيرين..!!
عدا عن تواصل الهجرة السريّة للشباب التونسي بالآلاف كلّ سنة إلى أوروبّا عبر قوارب الموت.. ووفاة أو فقدان المئات منهم في عرض البحر..!!
مؤخّرا.. فتاة جامعية تونسية في الواحدة والعشرين من عمرها تحتضر على مرأى ومسمع من المؤسّسات الإستشفائيّة العموميّة.. ثمّ تفقد حياتها.. لحاجتها إلى العلاج السريع بتكلفة قالت الدولة التي تبذّر المليارات يمينا وشمالا أنها غير مستعدّة لدفعها.. وهي في حدود مائة ألف دينار فقط..
وهذه الكارثة تتكرّر سنويّا مع العشرات وربّما مئات المواطنين الذين يتوفّون نتيجة إمتناع الحكومة عن القيام بواجبها في علاج المواطنين التونسيّين مجّانا على نفقة دولتهم..!!
رجال الأعمال وأصحاب الشركات يتذمّرون من العراقيل الإدارية وارتفاع الضرائب والمعاليم والأداءات المختلفة والمتنوّعة والمتعدّدة التي تثقل كاهلهم وتهدّد تواصل أعمالهم وتقضي على المردوديّة والأرباح..!!
نسبة من الشركات المصدّرة تستعدّ لنقل مقرّاتها وشركاتها إلى بلدان أخرى منافسة لتونس هروبا من الضرائب والأداءات الجديدة المثقلة عليهم..!!
تزايد عمليّات التهرّب الجبائي بفعل زيادة الضرائب..!!
توسّع أعمال التهريب بفعل زيادة المعاليم الجمركيّة والتضييق على الإستيراد القانوني المنظّم لعدّة بضائع..!!
نسبة البطالة في تونس باقية وتتمدّد..!!!
إفلاس أو تأزّم حالة مئات الشركات الصغرى والمتوسّطة بفعل الإجراءات الحكوميّة الفجئيّة والاستثنائيّة بتعلّة حماية العملة وتعديل الميزان التجاري.. والتي اتّخذت في السنة الأخيرة دون أيّ دراسة لأثرها على الناشطين في قطاعات مختلفة..!!
وهو ما ينذر بإنكسار حلقات كاملة وواسعة في السلسلة الإقتصاديّة ستؤدّي إلى نتائج وخيمة مستقبلا..!!
غلاء المساكن بطريقة مشطّة بفعل إقرار الأداء على القيمة المضافة على العقارات السكنيّة فجأة من قبل الحكومة الحاليّة.. وكذلك نتيجة الزيادة في المعاليم الجمركيّة والأداءات على مواد البناء..!!
فقدان غالبيّة الشعب التونسي.. ونتيجة كلّ ما يرونه ويعانونه.. للثقة في الدولة وفي الحكومة وفي الأحزاب وفي جميع الطبقة السياسيّة.. بحسب جميع عمليّات سبر الآراء..!!
وعزوف أكثر من نصف الناخبين في سنة 2011 عن المشاركة في التصويت في الانتخابات البلديّة سنة 2018..!!
كلّ ذلك وأكثر.. ورئيس الحكومة الذي إسمه يوسف الشاهد لا يزال يرى الأمور ورديّة.. بل وورديّة فاقعة أيضا.. ويستعدّ لتقديم نفسه باعتباره “أمل تونس”.. ويزهو بجولات ميدانيّة شكليّة مصطنعة فصّلت بجميع تفاصيلها للترويج عبثا للقائد الجديد.. ولا يزال يطلع علينا مبتسما وفرحا مسرورا في حوارات تلفزيّة دعائيّة على المقاس.. يقرأ لنا فيها من أوراق لم يستطع حتّى حفظ بضع أرقام من سطورها.. يقرأ أرقام “نجاحاته” الساحقة الماحقة.. ولا نعرف هل هي أرقام حلم بها في يقظة أم في منام.. والحال أنّ كلّ الأرقام الصحيحة والمؤشّرات الرسميّة والواقع الذي يعيشه جميع التونسيّين بأنفسهم كلّ يوم تكذّب وتفنّد بمفردها وتلقائيّا بروباغندا رئيس الحكومة وجوقته وإعلامه التطبيليّ..
وجوقة الإعلام التي تطبّل للشاهد.. وشلّة المستشارين والسياسيّين والأنصار.. التي تبشّر جميعها الشعب التونسي بميلاد الزعيم الملهم الجديد “أمل تونس”.. الذي يملك الدواء.. وسينقذ الوطن.. لا تعنيها بتاتا معاناة التونسيّين.. ولا تهتمّ بغير مصالحها وحساباتها وما تقبضه أو تحقّقه من فوائد أو إمتيازات أو مناصب أو أموال لنفسها.. مقابل نصرة رئيس الحكومة يوسف الشّاهد.. أو غيره طالما هو في الحكم ويملك السلطة..!!
والحقيقة أنّ كلّ هذا الوضع الكارثي لا يشغل أيضا بال يوسف الشاهد نفسه أبدا..!!
فالشاهد وبالإضافة لكونه غير مشغول اليوم إلاّ بكيفيّة السيطرة على السلطة.. وبطرق البقاء في منصب رئاسة الحكومة إلى موعد الانتخابات القادمة.. وبالفوز بالسلطة وبالحكم من جديد..

فهو.. يوسف الشاهد.. غير منشغل بمشاغل الوطن والمواطنين.. وهو غير مهتمّ أصلا بحلّ تلك المشاكل.. لكونه لا يملك لا الرؤية ولا الكفاءة ولا الأهليّة ولا القدرة ولا الحلول ولا البرامج.. لبناء نهضة وتطوّر دولة بأكملها..

فعلا.. لك الله يا تونس .. .. ..

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock