تدوينات تونسية

خسروا آدميّتهم وخسروا معاش القوادة

صالح التيزاوي
الآن فهمت يا وطني من هم “الرهوط” و”الزنوس” والنّعال الذين يروّجون في المجتمع، بأنّ “وقت بن علي خير” مستغلّين الضّائقة الإجتماعيّة التي يمرّ بها المجتمع. ولا شكّ أنّهم ضالعون في صنعها. إنّهم حثالة من حثالة (أربعين ألف صبّاب)، أحالتهم الثًورة على التّقاعد الإجباري، وقطعت عليهم “معاشات الصّبًة”…
“أربعين ألف صبّاب”، زرعهم المخلوع في الأرياف وفي المدن… يرتعون في البلاد، يحصون على التوانسة حركاتهم وسكناتهم وأنفاسهم، في العمل، في المقاهي، في وسائل النًقل، في اماكن سكناهم… كلّ كلمة بتقرير، وكلً آهة بتقرير، وكلّ “صبّة” بمقابل من مال الشعب.
أموال طائلة تصرف على كتائب ومليشيات من القوّادين بدل صرفها على التنمية وعلى الشًغل… ذلك هو الفساد يمشي على رجليه… وتلك هي دولة الفساد وذلك هو النّمط المجتمعي الذي يتباكى دعاة الحداثة القشريّة خوفا على ضياعه!!!
فهمت الآن ياوطني، من هم الذين ناصبوا الثّورة العداء؟
ومن هم أذرع الثّورة المضادة؟ ومن هم مخالبها؟ ومن هم الذين يجرّون البلاد إلى الهاوية، مستعينين على ذلك حتّى باستدعاء الدّجّالين والمشعوذين. بات واضحا للعيان أنّهم أولئك الذين جنّدهم المخلوع ليكونوا “صبّابته” جعل منهم عينه التي يرى بها وأذنه التي يسمع بها، وحجّته في البطش بخصومه… جرّدهم المخلوع من آدميّتهم وحوّلهم إلى جواسيس مزّقوا النسيج الإجتماعي للمجتمع إلتّونسي وخرّبوا معنويّاته وزرعوا الشّكّ والرّيبة والخوف بين أفراده ومكوّناته حتّى يأمن حاكم قرطاج ويمتدّ عمره في الحكم وعهره…
اربعون ألف صبّاب من كلّ الأعمار ومن كلّ فئات المجتمع وقطاعاته، كانوا بيننا، يلتصقون بضحاياهم التصاق النّمل، خرّبوا البلاد سابقا ثمّ خرّبوا الثّورة لاحقا، عندما تحوّلوا بقدرة “الرّزّ الخليجي” إلى “مناضلين” مستفيدين من مناخ الحرّيّة التي كانوا يحاربونها والتي أنبت شجرتها شهداء الثّورة بدمائهم…
يا إلهي… إذا كان عدد الصّبّابة أربعين ألفا، فكم عدد ضحاياهم طيلة حكم المخلوع؟ وما حجم المآسي التي دبّروها في العائلات وفي المجتمع؟ وكم ضيّعوا على الدّولة من مال وجهد ووقت لمحاربة الحرّيّة وتعطيل التّحديث الحقيقي في البلاد؟
لقد بات واضحا، أنّ كلّ مروّج لكذبة: “وقت بن علي خير”، ما هو سوى قوّاد من زمن “الصّبّة”، أصبحت معيشته ضنكا، بعد أن خسر آدميّته وخسر أيضا معاش القوادة، وذلك هو الخسران المبين.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock