التضحية بمبدإ إستقلالية العمل النقابي
صحيح أن المركزية النقابية قد أستعملت المباح نقابيا وغير المباح سياسيا لإسقاط تجربة الترويكا في العهدة التأسبسية، وصحيح أيضا أن نفس تلك القيادة قد قادت باقتدار الحوار الوطني وأخرجت البلاد من عنق الزجاجة وجنبتها ممكن التحارب، كما من الصحيح أنها إستجابت لفلسفة وثيقة قرطاج الأولى وجوهرها ضرورة الإلتفاف حول برنامج إنقاذ وطني على قاعدة محاربة الإرهاب والفساد والإصلاح الشامل لوضع تونس على سكة التنمية وتنشيط الإقتصاد الوطني.
الأكيد أن المنظمة الشغيلة في قلب التوازنات السياسية التي تدير المرحلة البينية الحساسة والمفصلية وتهديد الإتحاد اليوم بالتحرك الاجتماعي واستعمال سلاح الإضرابات في القطاعات الأكثر حساسية كالتعليم والنقل والصحة والوظيفة العمومية هو بالنهاية عودة للأصل في العمل النقابي وهو الدفاع المشروع على مصالح وحقوق منظوريه، ومن يقف ضد هذا الحق بداعي المصلحة الوطنية قد يفهم ومن السهل محاججته بأن الدفاع عن حقوق العمال في صلب تلك المصلحة ومن مقوماتها.
يبقى هناك “شيء ما” قد يقلق وقد يقلق جدا يتصل بالتجاذبات حول حكومة الشاهد الجديدة/القديمة حيث لا يمكن إسنبعاد فكرة أن الطبوبي موضوعيا هو في قلب استراتجية جماعة نجل الرئيس التي تعمل بكل المتاح لإثبات كارثية الوضع في ظل قيادة الشاهد، ولعل مما يعزز هذا الرأي هو وجود قيادت نقابية مؤثرة في مراكز قرار المنظمة قريبة من يسارية مازالت تؤمن أن الإصطفاف السياسي خلف خصوم النهضة يجب أن يبقى من ثوابت استراتجية المنظمة وأدائها دون الإكتراث للتضحية بمبدأ إستقلالية المنظمة والعمل النقابي خاصة وأن ذاكرة المنظمة طيلة خمسينية الإستقلال تفصح بوضوح على تجاوز واعتداء فاحش ومتكرر على مبدأ إستقلالية العمل النقابي.
الإضراب حق مشروع بالأمس واليوم وغدا، ولا يناقشه عاقل، وحاجة البلاد للأدنى أو الأقصى من الإستقرار واجب وقت وساعة، والموازنة العاقلة بين حد المصلحة القطاعية والمصلحة العامة هي التي ستحكم للإتحاد أو تحكم عليه.