تدوينات تونسية

الإقتصاد التونسي والأرقام ولعبة اغتصاب الوعي

عادل السمعلي

ليس جديدا القول أن المؤشرات الاقتصادية التي تحققت في عهد بن علي والتي يستظهر بها الأزلام من حين لآخر هي مؤشرات في أغلبها ملعوب بها وتمت فبركتها أو تحسينها وفق رغبات السلطة في تبييض صورتها الإقتصادية وفي التقرب من المؤسسات المالية العالمية ورغبة في مزيد من القروض الخارجية والتمويلات الدولية.

أما بعد ثورة 14 جانفي فقد تغيرت المعادلة في اتجاه معاكس فبعد أن كنا نتحدث عن معجزة إقتصادية أصبحنا نتحدث عن إنهيار وإفلاس إقتصادي وهذا مما يظهر قوة السيستام في المخادعة والتضليل فنفس المؤشر الإقتصادي الذي كان يمثل معجزة إقتصادية أصبح الآن علامة قرب إنهيار إقتصادي، فميكانيزمات الخداع تشبه في كثير منها ما ورد في الأثر وفي كتب التراث القديم عن الدجال الذي يخرج في آخر الزمان ويكون ليله نهار ونهاره ليل وجنته نار وناره جنة في إشارة عميقة لفداحة عمليات الخداع والتضليل.
ففي خلال المعجزة الإقتصادية المزعومة في عهد بن علي يمكن أن تقرأ عنوانا متفائلا ممجدا للوضع الإقتصادي من مثل (صعود إحتياطي العملة الصعبة لحوالي 70 يوم من الواردات) وفي خلال الثورة وبعد الأزمة الإقتصادية الحالية المفتعلة يمكن أن يصبح العنوان ولنفس الحالة والمؤشر (إنهيار تاريخي لاحتياطي العملة الصعبة لحوالي 70 يوم من الواردات).
إن نقص الوعي الفكري أولا ولضحالة الوعي الإقتصادي ثانيا يمكن السيستام أن يتلاعب بالوعي والرأي العام كما يريد ويمكن أن يصل لأهدافه في نشر وعي كاذب ومضلل، وبالتالي يمكنه إعادة إنتاج نفسه في السياسة والإقتصاد وسط طبقة سياسية ذات محدودية في الفهم والحركة والتأثير.
لم تكن تونس أبدا معجزة إقتصادية ولم تكن تونس أبدا على حافة الإفلاس والإنهيار ولكن السيستام يلعب في لعبة المسيح الدجال تضليلا وتمييعا وفبركة مستنجدا بسقط المتاع من أشباه المحللين ومعهم زمرة من أتعس خبراء الإقتصاد وقراءات سفسطائية للمؤشرات الرقمية مستغلين في ذلك الجهل الإقتصادي المعمم.
خبراء مرتزقة بدون أخلاق ولا ضمير ووجوه دجل وشعوذة يستخدمهم الإعلام لخلق حالة من الهلع والذعر الإجتماعي العام… هم خبراء أقرب للصوص ولمجرمي الحق العام.
•••
منذ الأسبوع الفارط هناك تركيز مفرط حول جرائم العنف والإغتصاب وتنجر الجوقة نحو هذه المواضيع بدون وعي منها ولا بوصلة واعية وثابتة فهل هناك إغتصاب أبشع من إغتصاب الوعي العام للجماهير.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock