هل حان الوقت الي تغير المفاهيم والمبادئ والأهداف في وطننا العربي بعد الانفجارات الكبرى؟ (الثورات) والتي اشرفت على العقد، هل تغيرت طبيعة الأنظمة وركائزها الاجتماعية بتغير تحالفاتها الداخلية (توافقات) وحوارات خارج تحديد حد الدستور بما يتوافق مع ارادة الشعوب للتغيير، بعد ان “ذهبت السكرة وجاءت الفكرة” وتعرت الحقيقة ؟
هل مازلنا نقف على أرضية التحرر الوطني والاجتماعي والابتعاد عن الارتهان السياسي والتخلص من التبعية الذي نزعم ؟ كعنوان رئيسي ونتجه صوب قضايا تمثل ثوابت ووعيا عاما في فكرنا العربي؟، اين اصبحت القضية الفلسطينية بالذات في وعينا وثقافتنا خارج الشعارات؟ عيوننا مصوبة هناك ننتظر مصائر دول نلحقها كسند بالأمة خارج “عباءة العروبة” ويقرر نتائج تحركات شعوبها قوى خارجية تحمي مصالحها ومد أذرعها.. هل التشظي الراهن هو نتاج موازين قوى محدّدة. ووضع اقتصادي واجتماعي قابل لتغيّر دائم.
تعددت وتعمقت إشكاليات الواقع العربي بسبب اتساع حجم وقوة الضغوط الخارجية الهادفة إلى إعادة تشكيل الجغرافيا العربية وتفكيك كل مقوماتها لحساب “المشروع الحضاري المعولم” ودخلت في قواميس الساسة ومحتوى خطاباتهم تعاريف ومفاهيم جديدة كالخصخصة والسوق الحر وتحرير التجارة والانفتاح وحتى التطبيع الذي ارتدى جبتين احداهما للخطاب الرسمي واخرى للتداول الشعبي.
من الواضع عبر كل المرايا العاكسة ان الوضع العربي متشظيا ممزقا ذاهبا إلى تجزئة الأقطار والمجتمعات. الظاهر ان شعارات شعب واحد في الوطن العربي، أو أمّة عربية لم يعد ذا جدوى.
ولكن رغم إقرارنا بحجم هذه الضغوط الخارجية ودورها السلبي ضد مصالحنا الوطنية، فهل تشكل الأوضاع والضغوط الداخلية العربية العامل الرئيسي الأول في نجاح أو فشل تلك الضغوط الخارجية ؟ من غير الممكن الحديث عن الأوضاع السياسية العربية، ومسارها بمعزل عن مسار التطور الاقتصادي الاجتماعي الداخلي باعتباره الركيزة الأولى والتي أدت إلى تراكم واتساع التناقضات الداخلية وطموحها للتغيير وللالتحاق بقطار العصرنة في كنف نظام عربي ديمقراطي تحكمه سيادة القانون والعدالة الاجتماعية..
إلا أن مظاهر التفرد من جديد والاستبداد المغلف والفساد العام والفقر والفوضى وعدم الاستقرار تكاد تكون قاسما مشتركا في كل الدول تنقصه فقط وزارة قائمة عليه تنظمه. الواضح ان هذه التراكمات الداخلية ستصل عند لحظة معينة إلى حدها أو سقفها النهائي الذي يعني القطيعة أو الانفصام بين هذه الدول وشعوبها في ضوء فشل السياسات المعتمدة المسقطة على ارادة الشعوب بمسميات عدة حتى وان لبست “جبة” الديمقراطية في حل الإشكالات المتزايدة، بعد السقوط من جديد في احضان التبعية الخارجية والرضوخ لاملاءاتها والتدخل الفاضح في الشأن العام، على حساب المصالح الوطنية والكثير من مظاهر السيادة الداخلية، هو واقع مهزوم ومأزوم يعيشه وطننا العربي واقع سياسي متصاعد بسرعة دون اي خطط استراتيجية للاحتواء أو السعي الي بناء مسار تنموي مستقل هادف أو خلق علاقات انتاج جديدة ذاتية لرفع معدل انتاج العمل ودون أية آفاق بما يعمق حالة الإحباط ضمن مناخ عام..