تدوينات تونسية

ثقافة المقاطعة، تأصيل لحقوق المُوَاطَنة

منجي باكير
ثقافة المقاطعة هي أسلوب حضاري تتبنّاه الشعوب -المتحضّرة- في أغلب الدول الديمقراطيّة،،، وهي سلوك رقابي شعبي وردّة فعل شرعيّة تُقْدم عليها وتمارسها شريحة كبرى من المستهلكين كلّما دعت الحاجة إلى ذلك،،،
ثقافة المقاطعة تعني أنّ هذه الشريحة الإستهلاكيّة كلّما أدركت أنّ هناك شططا في أسعار أيٍّ من موادّها المعيشيّة اليوميّة أو ما يماثلها أهميّة ورأت في هذا الشطط مبالغة وجشعا من التجّار أو المموّلين والمزوّدين لا مبرّر له إلاّ و -أمسكت- وامتنعت عن طلب تلك المادّة في تضامن شعبيّ واسع حتّى يفيء التجّار أو المموّلون ومن شاركهم في ذات الفعل إلى الصّواب فيراعوا الطاقة الشرائيّة لمواطنيهم وينزلوا بالأسعار إلى المتناول العامّ والى القدْر المعقول…
وكما أسلفنا القول أنّ هذه المقاطعات حدثت وتحدث في كثير من الدّول وقد أعطت ثمارها، بل زادت أنّ المنتجين والتجّار قاموا بالإعتذار للمستهلكين وأنزلوا الأسعار إلى أقلّ مما كانت عليه قبل الزيادة.
أمّا آلية المقاطعة وبما أنّها سلوك وثقافة حضاريّة فإنّها تبدأ بوعي الفرد (المواطن) وإدراكه وكذلك التزامه الشخصي ثمّ تمتدّ إلى غيره بدون ضوضاء ولا جمهرة فقط بانتقال المعلومة على شكل حملات توعويّة إعلاميّة عن طريق مواقع التواصل الإجتماعي مثلا.
ونحن في بلادنا ما أحوجنا إلى ثقافة المقاطعة، ما أحوجنا إلى تجسيدها أمام هذا الكمّ الهائل والمتعاظم من الغلاء في حاجيّات -قفّة- العيش فضلا عن الغلاء في كثير من الكماليّات التي دخلت في حكم الضرورات لطبيعة نسق تطوّر الحياة، ما أحوجنا إلى مقاطعة بضائع أثقلت كاهل العيّاش وتسبّبت له في إرهاق مادّي وتداين واقتراض، فجلّ أسعار الموادّ الإستهلاكيّة انخرطت في موجات تصاعديّة وفي تواتر محموم، المقاطعة أمام هذا الغلاء وعجز الحكومة عن إيجاد طرق لتعديل الأسعار أو حتّى تطويقها، فالمقاطعة هي السبيل الأنجع وهي كذلك تأصيل لحقوق المُواطنَة وآلية حضاريّة لتحقيقها…

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock