في ذكرى مجزرة الكيمياوي بالغوطة…
بلغيث عون
تذكرت أني أخشى الأفكار أكثر مما أخشى الوقائع تماما كما أسعد لميلاد فكرة أكثر مما أسعد لميلاد واقعة. “واقعة الكيمياوي” ليست أخطر من “فكرة الكيمياوي”. الواقعة جزئية ولدت لتموت بينما الفكرة كلية إذا ولدت فتحت أذرعها للعودة بلا نهاية. إذا كانت فكرة جميلة فقد ولدت لتزهر باستمرار وإذا هي فكرة رديئة فقد ولدت لتنفجر باستمرار.
خوفنا اليوم أشد من الأمس بات خوفا من توغل “فكرة الكيمياوي” والفكر الدموي بين ظهرانينا. لنتخيل أننا اليوم نجلس وبيننا من يحمل فكرا يؤمن بقتل المدنيين بالسلاح الكيمياوي لتحقيق أهدافه أيا كان نبلها. لنتخيل الأدهى: يجلس معنا في البرلمان وفي المقهى وفي المسجد وفي المدرسة وفي المنتزه من لا يرى حرجا في قتل أبنائنا وهو يضحك في وجهك. لنتخيل الأدهى جملة: ابنك يسلم عليه ويقول له “ياعمي” و”عمه” مستعد لقتله بالكيمياوي… يا للهول ويا للكارثة.. ثم يقولون داعش.
ليس لدي أي حرج أن أطرح سؤالي المؤسف: هل داعش أخطر من هؤلاء؟ لا أشك مقدار حبة من خردل أن داعش المكشوفة للجميع بلباسها ووضوح أفكارها وتحيزها أحيانا حتى الجغرافي في الجبال أهون ألف مرة من هؤلاء. لذلك ترى داعش تندحر ونرى هؤلاء يتوغلون. أكثر من ذلك فإن لداعش من الرجولة ما ليس لهؤلاء، رجولة الوضوح طبعا لا غير. الذي يلبس ربطة العنق واللباس المدني ويؤمن بالقتل الذي رأينا لا أجد له من الأوصاف غير حقارة النفس وتفاهة التفكير ووسخ اليد.