مقالات

شكرا قطر…

محمد الهادي الجبالي

بالنسبة لي عبرت عن منهجي بوضوح في كل القضايا الطارئة والخلافية، التي تمس الانسان او الحركات او الجماعات او الدول، وهو أنه لا وجود لخير دائم ولا لشر دائم وأن الجبلة التي جبل عليها الانسان وهي انه يتحرك بين حدي الفجور والتقوى، فلا وجود للانسان الملائكة ولا للانسان الشيطان وانما هو مزيج بينهما في كل موقف يطغى جانب عن جانب، فإن مال للخير باركناه وان مال للشر صوبناه، وكذلك هو حال الحركات و الجمعات والدول…

استغرب، اليوم من اصدقائنا، جماعة الممانعة، كيف بهللون لاستهداف قطر فيجدون انفسهم في نفس التقاطع مع العدو الاول، الكيان الصهيوني، الذي استبشر كما استبشروا بما يحصل الآن من اصطفاف ضد قطر، وأعجب لهم أكثر حينما ينسون ما قدمته قطر الى المقاومة في لبنان في حربين متتاليتين ويغمضون العين على وقوف قطر مع المقاومة في فلسطين في ثلاث حروب دون ان تتزحزح عن الموقف،،، يتغافلون عن كون حمد امير قطر هو الحاكم العربي الوحيد الذي كسر الحصار وزار غزة، وهو نفس الرجل الذي دخل بيروت حتى وصل أقصى جنوب لبنان وبدأ عملية ما هدمته ألة الدمار الصهيوني تحت هتاف مقتلي ومناصري وزعيم حزب الله،،،شكرا قطر،،،
الموقف عندي قطر اخطات في كثير واصابت في كثير ايضا لكن هذا لا يجعل ممانعا واحدا يشمت فيما يحصل ويجد نفسه مصطفا مع اشد الانظمة العربية تخلفا ومتقاطعا مع الصهيوني المتربص…

زاوية نظر...
موضوع الصراع بين السعودية وقطر، غير قابل للتبويب داخل التوظيف الأمريكي لأن كليهما يخضع لهذه الهيمنة وهما قابلتان بها، وهو غير قابل لأن ينظر له من زاوية التطبيع مع الكيان الصهيوني فإذا كان للشقيقة الصغرى مكتب تبادل مصالح معه فإن للكبرى علاقات موازية للديبلوماسية الرسمية بالإضافة الى وجود علاقات وطيدة للكيان مع حليفتها الامارات،، وهو أيضا غير قابل الى ان ننظر له من زاوية العلاقات مع البوابة الشرقية ايران لأن علاقات الامارات العربية المتحدة التجارية والشعبية أوسع بكثير مما لدى دولة قطر فدولة عمان مثلا أكثر اعتدال وتوازن في التعامل مع ايران فهي الأولى بالمقاطعة على هذا الأساس،،،
في تقديري، فقط الصراع على زعامة مجلس التعاون الخليجي هو المفتاح الحقيقي للنظر الى هذا التوتر، خاصة وأن التوتر كان سابقا لطرح الموضوع الايراني او الصهيوني او الامريكي بكثير، هذا من ناحية… ومن ناحية أخرى فإن مسألة تسيير المجلس الخليجي طرحت أكثر من مرة في اجتماعاته الرسمية وخارجها،، وتبقي كل الأسباب المذكورة آنفا وغيرها ذات صبغة توظيفية في الصراع لا غير…

أزمات العرب التي لا تنتهي…
ليست المرة الاولى التي تصل فيها العلاقات السعودية القطرية الى نقطة القطيعة ففي سنة 2014 سحب الثالوث السعودي الاماراتي البحريني تمثلياتهم الدبلوماسية بحجة فشل المساعي السلمية في اقناع قطر عن العدول عن التدخل في الشؤون الداخلية لدول مجلس التعاون وعن خدمة قوى اقليمية معادية، أضيف هذه المرة حجة دعم جماعات ارهابية متناقضة لا يمكن الجمع بينهما، كالاخوان وداعش والنصرة والحشد الشعبي في العراق…
التحق بركب المقاطعين هذه المرة جمهورية مصر مع اضافة تحجير مجموعة من الاجراءات الخدماتية والتجارية إلى اجراءات المرة السابقة…
منذ الانقلاب داخل العائلة المالكة في قطر، توسعت طموحات الامارة في النفوذ داخل مجلس التعاون الخليجي الى درجة لم تعد تقبل بزعامة السعودية للمنطقة، فاستقوت السعودية بالاسلام الرسمي والتحالفات الاسلامية الرسمية ضد قطر، فاستعانت الاخيرة بالاسلام السياسي الممتد على خريطة الاقليم والوطن، حتى ان تنظيم الاخوان في قطر حل نفسه واصبح جزء من الدولة وعاملا بها من جهة وتوطدت شرقا نحو القوة الاقليمية المقابلة والعادية للسعودية ايران،،،
الخلاف السعودي القطري مس كل المجالات، الديمقراطية وطريقة الحكم، المقاومة الفلسطينية والمقاومة اللبنانية، الملف الايراني، فارتبط التمايز في الموقف بالصراع على الزعامة داخل مجلس التعاون…

في كل مرة تصل مساعي السعودية في الترويض والاحتواء الى طريق مسدود، فهل يصل الامر الى مرحلة التدخل المباشر كما حصل مع الانقلاب الفاشل في 1996 من أجل تغيير نظام الحكم بالقوة في قطر ؟ أمر قد لا تسمح به ظروف السعودية الغارقة في وحل اليمن،، أم أن الحل يستدعي تطويرا وتغييرا لآلية اشتغال مجلس التعاون الخليجي خاصة إذا كانت الكويت وعمان من نفس رأي قطر وإن كان بأقل جرأة وحدة ؟؟؟
ذاك ما ستكشفه الايام…

اترك رد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock