أوّلا : أعتمدت حرف الشرط “إنْ” عوضا عن “لوْ ” متعمدا، لسبب بسيط ووجيه، لأنّه يفيد الإمكان، في حين يفيد الثاني الامتناع.
ماذا إنْ فعلها يوسف الشاهد، وانقلب على ما تبقّى من النّداء، وما تبقّى من شرعية انتخابيّة، وانخرطت حكومته في محاربة الفساد ؟؟؟
طبعا، سيقول البعض: هذا هراء، كيف “لصانع عند اللطيف والدوائر الأجنبيّة” أن يحارب الفساد ؟؟؟ فحزبه نفسه كان بذرة فاسدة، إضافة إلى أنّه شريك حقيقيّ لدوائر الفساد… كلام جميل “لا أقدر أن أقول شيئا عنه”، وهو، علاوة على ذلك، يستند إلى قرائن وأدلّة واقعيّة. بيد أنّ معطيات موضوعيّة وتقارير دوليّة على مكتب رئيس الحكومة تطلق صفارات إنذار حقيقيّة مفادها انتهاء زواج المتعة بين الدولة والفساد والتصادم حقيقة ميدانيّة حادثة لا محالة، فإمّا استمرار الدولة أو سيادة الفساد، فقط المسألة هي من يبادر بالهجوم قبل غيره، من هنا جاءت هذه الخطوة الاستباقية من الشاهد.
• إمكان النجاح الجزئيّ ممكن وبشروط تبدو عسيرة بعض الشيء، ومنها :
أ. أن تحظى الإجراءات الجراحية الأولى لاستئصال أورام الفساد بالدعم الشعبي الذي يجب أن يتخلّص من الارتهان الحزبي.
ب. أن ينجح الشاهد في المقدمة ويكسب ثقة الرأي العام.
ج. أن تعاضد كنتونات الرأي العام الشعبي والافتراضي تلك الاجراءات بالضغط على وسائل الإعلام المموّلة من الفساد كما فعل المتظاهرون بتوجههم إلى سفارة فرنسا واحتجاجهم وإرسال رسائل واضحة لقوى الدعم ونهب الثروات بأنّ “ظهر البهيم وفى”.
د. تكوين قوة قانونية وحقوقيّة ضاغطة في مواجهة بارونات المحاماة والقضاء النافذ والمتنفذ.
هـ. تنظيم حملات رأي عام ضاغطة من شأنها أن تفعل ما فعلته حملات وينو البترول ومانيش مسامح وغيرهما، فهاتان الحملتان كان لهما ولغيرهما الأثر الإيجابي في تراجع نفوذ الفاسدين حكوميا وحزبيا وبرلمانيا… فقد كان لهما الفضل في تخفيف الضغط على النواب لكي يناوروا ويرفضوا ويؤجلوا…
و. شخصية الشاهد وطموحه السياسي والاستحقاقات الانتخابية المقبلة عوامل تعمل لصالحه ولصالح حملته بعد أن أطل عليه محسن مرزوق من شقوق النداء بمشروع مريب وبعد أن عاد مهدي جمعة متأبطا عقود الطاقة المشبوهة والتي أمضاها مع الشركات الدولية في الهزيع الأخير من فترة حكمه، لما أشغل الرئيس المرزوقي بالقاروس والإرهاب.
• عوائق نجاح الحملة على الفساد كثيرة، منها :
1. مدى مصداقيتها وجديتها.
2. قد تكون ظرفية ومرتبطة بحالة الوهن التي عليها الحزب الحاكم الأول.
3. أن ينقلب عليها شركاء الفساد ومنظومته المتمترسة داخل الجسم الإداري والقضائي والمتستر بالحقوقي.
4. ضعف الإمكانات والتشرذم الحكومي.
5. تدخل خارجي للفرملة وتحديد السرعة.
ختاما : أكرّر : ماذا إنْ، لأنّه وإن كان إمكان النجاح ضعيفا إلا أنّه ممكن، وبما أنّه ممكن، نقول للشاهد ومن والاه ومن أمل في الإصلاح: نحن معك نبلغ مبلغك، نقاتل معك، فقط اصدقنا القول والعمل، أو ستكون نهايتك أسوأ من نهاية زعبع… وإنّ غدا لناظره لقريب.
اكتشاف المزيد من تدوينات
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.