الثلاثاء 18 فبراير 2025

وقفات مع قول الباجي “فمّه واحد قالي تي شنوّه؟ قتلو تي ماو”

الحبيب حمام
وقفات مع قول الباجي في خطابه “فمّه واحد قالي تي شنوّه؟ قتلو تي ماو”. سأتعرّض في مقالتي هذه إلى الجوانب الفنّية من بلاغة وبيان، وإلى الجوانب الاجتماعية والسوسيواجتماعية، كما لا أنسى الجانب الفلسفي والجيوسياسي لهذا القول المأثور. لنبدأ.
1. “فمّه واحد”، من هو هذا الواحد؟ هنا إبهام من طرف الباجي، ليس ليتلّف المستمع، ولكنه إبهام مقصود، وهو قمّة في البلاغة حيث عبّر عن العام بالخاص، فهو اسم جنس إن شئتم، والمقصود به الشعب التونسي، بكل فئاته المجتمعية، وأطيافها السياسية، ومشاربه الثقافية والإيديولوجية. نرى بعدا فلسفيا في مقاربة الباجي لمشكلات المواطن التونسي اليومية. كذلك هذا القول “فمّه واحد” يدلنا على أسلوب راق ومرهف لملامسة وجدان المواطن التونسي، كما يشير إلى ذلك اخصائيو علم النفس.
2. “قالي تي شنوّه”، بعدما خاطب المواطن التونسي ولامس وجدانه، هنا المواطن التونسي يسأل ولكن كيف؟ “قالي” تعبّر عن نسف كل الحواجز بين المواطن العادي والرئيس، علاقة طبيعة من غير تعقيد ولا بروتوكولات حكماء صهيون، عفوا بروتوكولات فقط، علاقة حميمية تمتاز بالقرب والعمق. ماذا سأل المواطن؟ “تي شنوّه”، كلمة “تي” تحتاج إلى وقفة طويلة. سأكتفي بالبعد الموسيقي في الكلمة، “تي” سهولة في النطق، مدّ بالكسر، رنين جميل، كلمة نقولها للرضع “تي”. اختيار موفق لسيادة الرئيس “تي”. نمرّ إلى “شنوه”، أصلها “شنهو هو” وقع مزج وإدغام للاختزال مع عدم الإخلال بالبيان. من ناحية جيوسياسية تعني نسف الحدود بين الكلمات وما يعني ذلك من نسف الحدود الاستعمارية التي رسمها مهندسو سايكسبيكو، اندماج وانصهار الأمة العربية في خندق مقارعة الاستعمار. نحن الذين توضأنا بدمائنا، وصلينا في خنادقنا… آسف تذكرت أياماتي في منظمة فتح.
3. “قتلو تي ماو” هذا الجواب على “فمّه واحد قالي تي شنوّه؟”. هنا ينفتح بحر واسع من المعاني. أكتفي بالتركيز على “ماو”. اختيار موسيقي رائع، صوت القط. “ماو” تذكرنا كذلك بماو تسيتونغ وتعبر عن الروح الثورية، وعدم القبول بالنمطية وبالإمبريالية والشوفينية. لا يسمح المجال لأفصّل في الجوانب الفلسفية والنفسية والبلاغية والبيانية والإيقاعية والاجتماعية والسياسية لكلمة “ماو”. اختيار موفق.
ما هو المعنى الإجمالي لـ “فمّه واحد قالي تي شنوّه؟ قتلو تي ماو”؟ هو سؤال وجواب بالتأكيد. ما هو الجواب؟ لا يمكن أن نفهم الجواب إلا إذا فهمنا السؤال. ما هو السؤال؟ والله، كان نعرف راني قتلك، يخي باش نخبي عليك. اسأل الباجي، ربما يعرف، قلت: ربما.


اكتشاف المزيد من تدوينات

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً

المشهد حاليا عبثي وينتظر أن يكون أكثر عبثيا في المستقبل

الحبيب حمام تونس تسير بالسرعة القصوى نحو المجهول. قد يقول قائل “لمَ تقول هذا؟ أنت …

قسيس منكود الحظ

الحبيب حمام اجتمع أهل القرية حول حدث طريف، فاستغل القسيس هذه المناسبة الإعلامية، فصعد على …

اترك رد