هل يُنظّر الصافي سعيد للإنقلاب على المسار الديمقراطي؟
بعد استقالة رئيس الهيئة المستقلة للإنتخابات، يشبه الصافي سعيد الوضع في تونس، بما كان عليه عشية 6 نوفمبر 1987
عندما انقلب المخلوع على بورقيبة. أو ربما هو يقصد بأنه شبيه بعشية 3 يوليو 2013، عندما انقلب السيسي على الشرعية في مصر. هل بدأت “النخب” تنظر للإنقلاب: دستوري، غير دستوري، كل هذا لا يهم، مادام المسار الديمقراطي الذي فرضته الثورة مستهدفا. شئ واحد تأكد منه العقلاء في هذه البلاد، أن “النكب” التي تدعي الديمقراطية، ليست ديمقراطية، مهما تشدقت بشعارات الديمقراطية، ومهما حبروا من كتب، وشغلوا الأذهان بأحاديث تنطوي على قدر كبير من النفاق عن “الديمقراطيات العريقة” وعن “الديمقراطيات الناشئة” وعن “البناء الديمقراطي” وعن “العقلية الديمقراطية”.
الصافي سعيد تحدث كثيرا عن خلافات، وعن شقوق، وعن الإحتجاجات، وعن تعطل التنمية، مما بدا وكأنه تهيئة لما هو قادم. أو بما يوحي أن استقالة رئيس الهيئة لها ما بعدها. اللافت للإنتباه، أن الصافي سعيد، لم يتحدث كما في السابق عن الثورة وعن استحقاقاتها، وإنما بدا كلامه وكأنه تبرير للإنقلاب على الهيئات الدستورية. لو حدث ما يتمناه أدعياء الديمقراطية، فإنهم سيختلقون آلاف الأعذار والمسوغات للوضع الذي تنسج خيوطه في غرف الظلام، تماما كما برروا انقلاب السيسي وحفتر، وكما برروا جرائم “سافل الشام”.
سيقولون مثل الذي قال صافي سعيد: “حتى شئ ما هو ماشي والحل عند اشباه المثقفين، من المنتسبين جورا إلى الديمقراطية، الإنقضاض على مؤسساتها، “باش تمشي الأمور”. هكذا سولت لهم عقولهم المريضة، وهكذا يزيفون الوعي، وكأن الأمور كانت “ماشية” طيلة ستين عاما من الإستبداد.
الصافي سعيد ذكرنا، بأن الوضع عشية 6 نوفمبر كان متأزما تماما كما هو اليوم عشية استقالة السيد شفيق صرصار. من برر للمخلوع فعلته وغفر له، حتما سيغفر لغيره، مادام هؤلاء، يفكرون بذهنية: “تحت إيطاليا” و”تحت فرنسا” و”تحت أمريكا” و”فوق الشعب”.
ونحن نتحدث عن استقالة السيد رئيس الهيئة، وأيا كانت الدوافع إليها، فإن أسئلة تقفز إلى الذهن: هل هي مجرد ضغط من الغرف المظلمة التي تحرك الثورة المضادة، بهدف تأجيل الإنتخابات المحلية خدمة لأطراف حزبية بعينها ؟ وهل تدفع الثورة المضادة إلى تمرير قانون المصالحة مع اللصوص مهما كان الثمن؟ أم أن الأمر أكبر من ذلك بكثير؟ هل استكملت الثورة المضادة شروط الإنقلاب على المسار الديمقراطي جملة ونفصيلا؟