أسفاري واللغات الحية (3)
أحمد القاري
مطار هونغ كونغ يمثل الإقليم خير تمثيل. فهو فخم وبسيط في الوقت نفسه. تجهيزاته وخدماته فخمة. والحركة فيه والقيام بالإجراءات صممت لتكون في أعلى درجة ممكنة من الفعالية والبساطة. نظام التشوير جيد. وهو يقوم على اللغتين الصينية والإنجليزية، اللغتين الرسميتين للإقليم.
من المطار يبدأ حضور الحرف الصيني. هنا لا يحتكر الحرف اللاتيني تمثيل التقنية والاقتصاد والجودة. بل إن الحرف اللاتيني لا يكاد يتواجد إلا وفوقه أو إلى جانبه الحرف الصيني.
عند شرطة الحدود تبدو صفوف القادمين بلا نهاية. ولكن بسبب تنظيمها وسرعة ختم الجوازات تسير العملية بسلاسة. على المسافر تعبئة مطبوع مرفق بنسخة كربونية. يتضمن المطبوع معلومات المسافر وعنوان إقامته المزمع في هونغ كونغ. يأخذ شرطي الحدود أصل النموذج ويبقي النسخة الكربونية في جواز المسافر لتسحب عند مغادرته الجزيرة.
تأشيرة الوصول بالنسبة لجواز السفر المغربي تسمح بالبقاء ثلاثين يوما في هونغ كونغ. وبالنسبة لجنسيات عربية أخرى تصل المدة إلى 90 يوما أو تنخفض إلى 14.
عايشت تحسن خدمات ختم الجوازات في هونغ كونغ خلال السنوات الموالية بشكل مضطرد. فقد تم إلغاء وضع الختم على الجواز وتم الاكتفاء بمراقبته وتسجيله على النظام المعلوماتي. وهو أمر وفر على كثيري السفر صفحات ثمينة في جوازاتهم. وتم اعتماد نظام البوابات الإلكترونية للمقيمين في هونغ كونغ. ثم لكل من زار الإقليم ثلاث مرات خلال نفس السنة.
وهو نظام استفدت منه عدة سنوات. ويتم تسجيل جواز السفر عند مكتب خاص بذلك وأخذ بصمة المسافر ووضع بطاقة رموز أعمدة على ظهر الجواز. بعدها يدخل المسافر الإقليم بواسطة رمز الأعمدة والبصمة في إجراء لا يأخذ إلا بضع ثوان.
بمجرد الخروج من المطار صدمتني نوعية الهواء شديد الرطوبة والمطبوع برائحة ثقيلة يأخذ المرء وقتا ليألفها. هي رطوبة أشد كثيرا من مستوى رطوبة الهواء في دبي. ومع الحرارة والمطر والتلوث تصبح مزعجة.
نزلت بفندق في (يا ما تي) على شارع (طريق ناثان) وهو أحد أوسع شوارع هونغ كونغ وأكثرها ازدهارا وحركة. ويقال بأن حاكم الإقليم البريطاني ناثان تعرض للوم لإنشائه شارعا بهذا الاتساع باعتباره يفوق الحاجة حينها. واليوم يحمد الهونكونغيون له قراره ذاك باعتباره كان يستشرف إقبال الجزيرة على نمو مذهل.
أثارت سرعة موظفة الاستقبال دهشتي. مددت لها جواز السفر فسجلت البيانات بسرعة وأعادته لي قبل أن أحضر النقود لدفع تسبيق على عادة الفنادق هناك حيث يتم تغطية تكاليف الإقامة مسبقا نقدا أو ببطاقة ائتمان. وبمجرد أن أعطيتها النقود كانت تمد لي بطاقة فتح الغرفة وتتلو علي شروط الإقامة وتوضيحات حول الخدمات المقدمة. وهي عادة غربية أيضا. حيث يبين للزبون بشكل واضح ما يسمح به وما لا يسمح به. كانت تتحدث الإنجليزية بلكنة صينية وبسرعة كأنها شريط مسجل. فاتني كثير مما قالت ولكني مضيت إلى غرفتي.
وجدت في درج مكتب بالغرفة نسختين من الإنجيل، واحدة بالإنجليزية وواحدة بالصينية. وعادة وضع الإنجيل في غرف الفنادق مألوفة في عدد من دول الغرب. وإن كان النصارى في هونغ كونغ لا يشكلون أغلبية. لكن ربما يعود الأمر لديانة مالك الفندق.
نافذة الغرفة تطل على مدرسة مسيحية. والمدارس الدينية المسيحية منتشرة في الجزيرة. كما هي منتشرة في بريطانيا، مستعمرتها السابقة.
لا تحتاج في هونغ كونغ لسؤال أحد عن اسم شارع أو زقاق. فلوحات التسمية منتشرة بحيث تسهل لك الحركة إن توفرت على خريطة. وعموما يضيق سكان هونغ كونغ بسؤال الزوار عن المعلومات فهم على عجلة من أمرهم دائما. وقد وسمت طبيعتهم بفظاظة سكان المدن المزدهرة التي يقبل عليها السواح بكثرة.
حضرت لهونغ كونغ بدون برنامج محدد. فقد أردت استكشاف فرص إنجاز مشتريات منها ومن الصين. والقيام في الوقت نفسه بجولات سياحية. كان كل شيء يثير لدي تساؤلات فأرجع لغووغل أبحث عن إجابات. وكنت بالتالي أقضي ساعات على الإنترنت التي يوفرها الفندق بمقابل.
#لغات_حية 3
مطار هونغ كونغ – يا ما تي