حتى لا يتعدى سعر صرف الدولار حاجز ثلاثة دنانير
عادل السمعلي
حين نتصفح إحصائيات موقع البنك المركزي التونسي يمكننا الوقوف على هذه المعلومة :
سعر صرف الدولار ليوم 14 جانفي 2011 يساوي 1,4368 دينار
سعر صرف الدولار ليوم 14 مارس 2017 يساوي 2,2933 دينار
أي أن سعر صرف الدولار بالدينار التونسي عرف زيادة تقدر بحوالي 60% في مدة تقارب ستة سنوات وذلك بمعدل انهيار بحوالي 10% في السنة.
ليس هناك قاعدة علمية عامة معتمدة لتوقع تغييرات أسعار الصرف في المستقبل ولكن هنالك مقاربات وتكهنات علمية معقدة تعتمد الفرضيات وتدخل في الحسبان عناصر المخاطر السياسية والاقليمية والدولية والمالية والاقتصادية ولكن بنظرة بسيطة ومن غير تعقيد يمكننا أن نستنتج أن الدولار الامريكي يتجه بسرعة غريبة نحو سعر صرف يقدر بثلاثة دنانير خلال السنوات القادمة لو تواصل انهيار الدينار التونسي بهذه الوتيرة المتسارعة.
ليس من عادتي التشاؤم أو بث مشاعر الخوف والفزع ولكني أرى أن الوقت قد حان لكي (ناقفو لتونس) بطريقة جدية وليس بمجرد الكلام الفضفاض كما يجب تحديد المخاطر الجدية التي يتعرض لها الاقتصاد ومعيشة الناس وكيف أن انهيار الاقتصاد وتقهقره من علامات الفشل العام لكل السياسات والحكومات من سنة 2011 الى الآن.
إن المخاطر القائمة التي تهدد الاقتصاد التونسي هي سداد الديون الخارجية والتي أغلبها بالدولار الامريكي والتي ستتحمل وزر الصعود الصاروخي لسعر صرف الدولار وأن تكلفة هذه الديون لن تكون فقط في نسبة خدمة الدين الذي لا يتجاوز في أقصى الحالات 6% بل ستصل العبء لنسب تتراوح بين 10% وحتى 40% كنتيجة طبيعية لانهيار سعر صرف الدينار التونسي.
ان الجرأة الاقتصادية مطلوبة والقرارات المؤلمة ضرورية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من هذه البلاد المسالمة الطيبة وأن القرارات المؤلمة لا يمكن أن تكون ضد الطبقات الاجتماعية المتوسطة والفقيرة كما هو الحال سابقا بل يجب أن تتوزع التضحيات بين الجميع الاغنياء ورجال الاعمال قبل غيرهم كما يجب المحافظة على الطبقات المتوسطة والفقيرة تجنبا للتوتر الاجتماعي.
وحتى لا يقال كلام إنشاء وأين الحلول العملية الناجعة للإنقاذ الحقيقي أقدم بعض الاقتراحات التي يعرفها ويتبناها أغلب المتابعين للوضع الاقتصادي التونسي وهي حلول ضرورية وأقدمها على سبيل الذكر وليست حصرية:
• منع الإضرابات العشوائية التي توقف العجلة الاقتصادية للبلاد وتضر بمخزون تونس من العملة الصعبة وخاصة قطاع الفوسفاط.
• تجميد الأجور لمدة ثلاثة سنوات على اقل تقدير لمحاولة التحكم في الاسعار وتحسين مستوى المقدرة الشرائية وذلك باتخاذ قرارات حاسمة ضد المحتكرين والمضاربين والقشارة.
• وقف استيراد كل ما هو فاخر وغير ضروري من السيارات والكماليات والسلع الفارهة التي تستنزف العملة الصعبة.
• محاربة الرشوة والسرقة والفساد المالي والإداري بطريقة فاعلة وناجعة والامتناع عن التصريحات الصحفية الكاذبة عن محاربة الفساد.
• تشديد العقوبات على المهربين وتجار العملة وبارونات التجارة الموازية (معروفين بالاسم والصفة ويقع غض النظر عنهم في نطاق تبادل المصالح بين اللوبيات).
• تطبيق القانون الجبائي وتوفير تسهيلات جبائية لدخول مزيد من العوائد لخزينة الدولة من أجل وضع حد للعبة التداين لخلاص الأجور وهذه ممارسة تهدد استمرارية نجاعة الاقتصاد.
هذه بعض حلول الاقتصاد التونسي الجريئة والممكنة التي يجب اتخاذها بسرعة لحماية الدينار التونسي من الانهيار النهائي وذلك بعيدا عن المزايدات الاجتماعية والاعلامية واللغة الخشبية التي نستمع إليها وصراع ديكة السياسة الذي نشاهده كل يوم فهل من قلب بصير أو أذن سامعة؟