أخرجوا لنا شجعانكم..!
عبد الغفور ديدي
في كتابها “السخط والكبرياء” الذي نشرته قبل وفاتها بأيام تتساءل الكاتبة الإيطالية أوريانا فالاتشي المعروفة بمواقفها العدائية تجاه العرب والمسلمين عن الذين أقاموا الحضارة وخدموا العلم والطب والهندسة وصنعوا الهاتف والقطار والسيارة والطائرة وعن من وصل للقمر وصعد للمريخ !؟ الإجابة ستكون كلمة واحدة: الغرب. اذا -تقول فالاتشي- لا مبرر بعد هذا للمقارنة بين الثقافتين الغربية والإسلامية لأن ذلك يجعلها تشعر بالضجر!؟؟
ولكي تبرهن على تفوق الثقافة الغربية وضعت فالاتشي قائمة طويلة من جهة أوروبا يقف فيها كل من هوميروس وسقراط وغاليليو ونيوتن ليوناردو دافنتشي وبيتهوفن وداروين وأينشتاين وغيرهم خلق كثير ممن لهم إسهامات تذكر فتشكر من قبل العالم، أما الجهة الأخرى فبحثت فلم تجد إلا محمدا -كذا قالت !!- وقرآنه وابن رشد وتعليقاته على سقراط وأشعار عمر الخيام ؟!! ان الذاكرة لم تسعفها لترى عظماء الثقافة العربية والإسلامية ولسان حالها يردد قول عتبة بن ربيعة للمسلمين في معركة بدر “أخرجوا لنا شجعانكم”!!.
بعيدا عن المماحكة غير المجدية والعنتريات الفارغة، وعندما نريد الوقوف على التحدي الذي أقامته فالاتشي سيسقط في أيدينا !! لأننا منذ ردح من الزمن لم نقدم للإنسانية شيئا ذا بال بل نتكئ في الفخر على حصيلة أجدادنا القديمة. رغم أن الأجداد نصحونا بأن الفتى ليس من يقول كان أبي ولكن الفتى من قال ها أنا ذا !!
نحن خارج سياق التاريخ ولا نملك المقومات العلمية لنحجز مقعدنا بين الأفضل، إننا عالة على البشرية وعبء على الإنسانية منذ اجلائنا من الأندلس.
والمتأمل للواقع تصدمه حجم الفجوة بيننا وبين نظرائنا في العالم لأننا نتذيل جميع القوائم في شتى التصنيفات وفي مختلف المجالات: الحريات العامة والتكنولوجيا والتعليم والطب والاقتصاد والإدارة… الخ. ولا نحس بالحرج من وضعنا الحالي ولا نشعر بالمسؤولية تجاه البيئة ولا نسعى في الحد من الصراعات التي تشهدها منطقتنا ولا نهتم أصلا بإنتاج ما يدخل السعادة على حياة الناس.
النزال في الوقت الحالي يحتاج منا أسماء ثقيلة وحصيلة مشرفة حتى نردد بكل فخر:
أولئك آبائي فجئني بمثلهم *** إذا جمعتنا يا فالاتشي المجامع
أما غير ذلك فهو كلام نواعم ولعب عيال !!