تدوينات تونسية

صب لماء بارد غير بريء

الحبيب بوعجيلة
على عكس ما ذهب إليه الصديقان زهير مخلوف وعبد الوهاب الهاني فأنا لم المس أن هناك من جزم بيقين أن الشهيد كمال المطماطي مدفون في خرسانة الجسر مثلما أن لا شيء ينفي ذلك ويجزم كلام زهير في ان رفات الشهيد في مقبرة الغرباء بالجلاز بل لعلي لا اميل ابدا الى هذه الرواية فمن عادة بن علي أنه كان يسلم جثة المقتول لاهله تحت التعذيب ويطلب منهم دفنه في الظروف الأمنية المعروفة او انه يخفيها تماما ولا يجرؤ نظامه الجبان على دفنها في مقبرة الغرباء لأنه لا يثق حتى في بوليسه الذي قد يبلغ عن المكان.
من هذا المنطلق تكون رواية الخرسانة اقرب الى الحقيقة والدليل على ذلك أن عائلة الشهيد لا تعرف مكان الجثة بعد ست سنوات من الثورة ولم يكن هناك مانع من تسليمهم الرفات لو كان معلوم المكان.
اما قول الاخوين زهير و عبد الوهاب بان كل انعدام في دقة المعلومة حول عدد الشهداء والمساجين سوف يشكك في كل الروايات فهذه مبالغة في “العقلانية” وفتح لاحترازات ونقاشات شكلانية خاوية لا تنفع اصلا دقة الحقيقة فضلا عن كونها صب لماء بارد غير بريء على نار عاطفة مقدسة لا يلوم عليها احد اي مبالغة فلكي نجعل القمع أشد قمعا يجب ان نضيف اليه وعي القمع.
لا يفسد من رواية الضحية شيئا أن يقول إن جلاده قد طعنه بسيف مسموم ليثبت أن الطعنة كانت بخنجر مشحوذ ففي الحالتين يبقى الدم في وجه الجلاد.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock