من نَسْل “البَسُوس”… في إعلامنا
عبد القادر عبار
هؤلاء الذين يهيّجون الفتنة وهي نائمة، وقد نصّبوا أنفسهم قضاة وخبراء ومحللين لا يشق لهم غبار، في قضية قد قال القضاء العادل فيها كلمته، لا أجد لهم مثلا إلا “البسوس” التي قالت “أبياتا” تحريضية من الشعر، كانت العرب تسميها “أبيات الفناء” لأنها كانت الشرارة القادحة لحرب دامت 40 عاما أكلت الأخضر واليابس، حتى قالت العرب “أشأم من البسوس” وصارت مثلا لكل من يتسبب في فتنة.. وهؤلاء خطابهم “خطاب بَسُوسِي” فيه تهييج وتحريض، ودغدغة وحشية لغرائز البغض والحقد والتناحر الاجتماعي والتقاتل الحزبي.
والبَسُوسُ في معاجم اللغة تعني : الناقةُ التي لا تَدِرُّ اللبن إِلا على “الإبْسَاس” وهو صوت تُدْعَى به الناقة أو الشاة للحلب (بِسْ.. بِسْ).
والبَسُوسُ هي، امرأة تَسَبَّبتْ في حرب بين قبيلتين من العرب، فضُرِبَ بها المثلُ في الشؤم، فقيل : أشأم من البسوس وقصتها تقول :
ـ زارت “البسوس”، أختَها “أمّ جسّاس” ومع البسوس جارٌ لها يُقال له : “سعد” ومعه ناقة له فأرسلها ترتع، وبعد سويعات، أقبلت النّاقة إلى صاحبها وهي تَرغُو وضرعُها يشخب لبناً ودماً، بعدما رماها “كُلَيْبٌ” بسهْم لمّا رآها في مرعاه، فلمّا رأى صاحبها ما بها، انطلق إلى البسوس فأخبرها بالحادث، فقالت : واذُلاّه ْواغُرْبَتاه، وأنشأت تقول أبياتا تسمّيها العرب أبيات الفناء وهي:
لعمري لو أصبحت في دار منقذ *** لما ضِيمَ سَعْد وهو جارٌ لأبياتي
ولكنّني أصبحت في دار غربة *** متى يعْدو فيها الذئب، يعدو على شاتي
فيا سعْد لا تغرر بنفسك وارتحل *** فإنّك في قوم عن الجار أمواتي
ودونك أذوادي فخذها وآتني ** * بها حلّة لا يغدرون ببنياتي
فسمعها ابن أختها جسّاس فقال لها : أيتها الحرّة، اهدئي فوالله، لأقتلنّ جارك “كليبا”، ثم ركب فخرج إلى كليب فطعنه طعنة أهلكته، فمات منها ووقعت الحرب بين القبيلتين، ودامت أربعين سنة وصار “شؤم البسوس” مثلاً ونُسبت الحرب إليها وهي من أشهر حروب العرب.
– فهل يُعِدّ هؤلاء لـ “بَسُوس” ثانية، في طبعة تونسية ؟؟