تدوينات تونسية

ملاحظات حول إنقلاب 7 نوفمبر

الحبيب بوعجيلة

لم أكن أنوي الكتابة حول ذكرى انقلاب 7 نوفمبر ولكن انخراط أغلب التدوينات في تقييمات تبدو أحيانا “لا تاريخية” يدفعني الى ابداء بعض الملاحظات المتواضعة.

أولها أن “التحول وبيانه” مثل في حينه “ضربة تكتيكية” من داخل نظام مترهل انغلق في وضع رئيس هرم محكوم على البلاد تحمله عجوزا مدى حياته مما جعل أغلب الطبقة السياسية المعارضة تعتبر “الانقلاب” وقتها تغييرا أدنى يفتح أفقا لوضع منسد بمعارضة دون قدرتها على التغيير الراديكالي ونظام عاجز على الانفتاح في وضع دستوري متمأزق.

باستثناء “الشباب الطلابي” وبعض الحلقات السياسية التي رفضت “الانقلاب” من زاوية طبيعة راديكالية فطرية لا تحليل سياسي لقوة مقتدرة يجب أن يكون السياسي وقتها “نبيا” حتى يتوقع مصير “التغيير” أو قائد تنظيم شعبي كبير حتى يفرض “ثورة شعبية” لكن ذلك لا يمنع القول أن الطبقة السياسية المعارضة الإصلاحية قد أخطأت في تحصين المسار للأسباب التالية :

أولا : هرولة كل الأطراف الى ترك وحدتها طيلة النصف الأول من الثمانينات والاستقواء على بعضها بالالتجاء كالعادة الى “الدولة-النظام” وقبول أطياف عديدة بالتحول إلى جزء من ماكينة استقطاب ايديولوجي ضد الإسلاميين التي يصنعها النظام دائما لتفريق وحدة المعارضة.

ثانيا : القبول بالحد الأدنى في صياغة “الميثاق الوطني” وعدم رفع سقوف المطلب الديمقراطي في بنود هذا الميثاق من مثل فصل الحزب على الدولة وضمان حق التنظم للجميع وتحوير القانون الانتخابي ومجلة الصحافة والقبول بدخول انتخابات 1989 خارج جبهة معارضة موحدة وضمن القوانين القديمة وعدم الاحتجاج على تزييفها.

ثالثا : السكوت على التجاوزات “الخفيفية” منذ الأيام الأولى مثل إيقاف جريدة الرأي وإقصاء الحبيب عاشور وسجن البشير الصيد وعدم الغاء أحكام الإعدام في حق المساجين السياسيين قضائيا والاكتفاء بالعفو الرئاسي.

رابعا : اقصاء العاشوريين وانجاز مؤتمر الاتحاد العام التونسي للشغل في سوسة في أجواء الاستقطاب الذي صنعه النظام ثم القبول بالتدخل السافر في عمل الرابطة دائما بالاعتماد على “آلية الاستقطاب” الأيديولوجي مع الإسلاميين ثم السكوت على المحرقة التي بدأت منذ أوائل التسعينات.

خامسا : إغفال التحولات الدولية الدراماتيكية وأبعادها وتداعياتها من طبيعة الوضع في الجزائر الى حرب الخليج الثانية والعدوان الثلاثيني على العراق.

نفس هذه الملاحظات مُحينة تنطبق على وضع الطبقة السياسية بعد 17-14…

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock