كان يضحكني عادل إمام…
عبد اللطيف علوي
حين كنت أظنّ أنّه ما من سبيل إلى تحمّل القهر إلاّ بالضّحك منه وعليه
خدعتنا مسرحيّة “الزّعيم”… وخدعتنا أغنية النّهاية:
“الشّعب اللّي مصيرو ف ايدو
هو الفارس هو الحارس…
الأحلام مش عايزة فوارس
الأحلام .. بالنّاس تتحقّق”
استثمر عادل إمام في كلّ عقد الإنسان العربيّ وأزماته…
استثمر في الجنس وفي الفقر وفي الحزن وفي السياسة وفي الايديولوجيا…
عاش يقتات من أفخاذ العاهرات،… تاجر في كلّ شيء، في العهر، وفي الحزن المزمن للإنسان العربيّ… استثمر في ذلك الحزن عقودا من الزّمن وأدرك أنّ الضّحك في زمن الهزائم العربية أغلى من البترول… استثمر في حالة القمع والانسداد السياسي، فأوهم النّاس أنّه ممّن يحمّلون أفلامهم مضامين سياسيّة متحرّرة وساخرة… استثمر في الأحقاد الايديولوجيّة، فجعل حربه على الإسلاميّين بابا إضافيّا يدخل منه إلى معترك العصر العربيّ المغدور… استثمر في البؤس والحاجة، فطوّر شخصيّة ابن البلد الغلبان وجعلها شخصية دراميّة فارقة تملأ الشبابيك…
ثمّ كان الرّبيع.. وكانت رابعة… ولحكمة يدركها وحده، جعل بينهما هذا الاشتقاق والجناس…
قلت دائما إنّ الله جعل رابعة حدّا فاصلا بين الحقّ والباطل، بين الأمانة والخيانة، بين الوفاء والغدر، بين الرّجولة والنّذالة…
لم يعد يضحكني عادل إمام أبدا…
صار يبكيني الزّمن الذي يكرّم الأنذال، ويرفعهم فوق أكتافنا الواهنة، ويملأ حياتنا بالزّيف والوهم والضّحك الأسود القاتل…
لم يسقط الزّعيم ولم يخن ولم يكذب… لأنّه كان ساقطا منذ البداية وخائنا وكاذبا منذ البداية…
كرّموهم أو لا تكرّموا…
لعنة رابعة ستصيبهم كلبا كلبا…