تدوينات تونسية

شاهِدٌ .. ومَشهودٌ

عبد القادر عبار
ما أقسى أن تنتمي إلى بيئة، بكذا مواصفات ! وأن يضمّك وطنٌ بكذا أشباه رجال !!!
ترى الواحد منا يهتمُّ، ويغتَمُّ كلما سقط منه متاعٌ، أو فُقِدت من خُرْجِه بضاعةٌ.. فهو لا يَهْنأُ له بالٌ حتى يجد ضالته.. ولكن تجده ،للأسف، لا يبالي ولا يكترث، إذا سقط منه خُلُق كريم.. أو فقَد خصلة من خصال المروءة !!
الحياة الاجتماعية، تكون رذيلةً، ومُقْرِفَة، ثقيلة ومنغّصة، إذا هي تجرّدت من الأدب الرفيع، والمشاعر النبيلة، وجفّت من الذوقيّات الراقية، واغتيل فيها الإحترام المتبادل..!! فَسَالَتْ فيها البذاءةُ حتى فاضت، وتطاولت فيها الرداءة ُ حتى سادت،.. ممّا يدفع أهلَ المروءة إلى الانسحاب، وأهل الرجولة إلى الانكماش، ليبقى المِضمارُ خاليًا، يملأه الأراذل، ويركض فيه الرعاع، ويطغى فيه السفهاء، ويفسق فيه من لا حياء لهم.
يقول الشاهد : صدم شابٌ متهوّرٌ امرأةً عجوزا بدرّاجته، وبدل أن يعتذر لها، ويساعدها على النهوض، ويمسح عنها الأذى، ويسعدها ببعض الكلمات الرقراقة، أخذ يسخر، ويضحك، وكأنه يمثّل لقطة لحساب “كاميرا خفيّة” !. ثم استأنف سيره، وكأن شيئا لم يكن.
لكن العجوز الملسوعة بكذا مواقف طائشة من أمثال هذا النمط، نادته قائلة : انتبه يا ولد، لقد سقط منك شيء!
فعاد المتهوّرُ مسرعاً، وأخذ يبحث ويبحث، فلم يجد شيئاً..
وبعد أن أرهقته نفسيّا للحظات، قالت له العجوز الحكيمة: لا تحاول أن تبحث كثيراً، ولا تتعب نفسك في البحث، اسمع : لقد سَقَطتْ منك “مُرُوءَتُك”.. ولن تجدها أبداً..! ؟

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock