تدوينات تونسية

جمنة بين شرعية الدولة ومشروعية الثورة

سليم بن حميدان

منطق الدولة هو تطبيق القانون “القائم” عبر العنف الشرعي في حين أن منطق الثورة يسعى الى وأده واستبداله بقانونها “البديل” عبر العنف الثوري.

جمنة منطقة تذكرنا بمجتمع بيار كلاستر “المضاد للدولة” فهي تعيش في منطق الثورة الرومانسي الذي يتأسس على مشروعية التأسيس الجديد نقضا للقديم المنبوذ والقادم من رحم المنظومة القديمة الفاسدة والرجعية والمنتجة لنقيضها الثوري.

ما نعيشه اليوم هو الصدام الحتمي بين المشروعية الثورية والشرعية الرسمية شبيها بين الكفاح التحريري للأرض وقانون المتغلب بالشوكة !

في تونس، قررت الثورة وكل الفاعلين بإجماع تعليق الدستور والتطبيق المؤقت للقوانين النافذة في انتظار تنقيحها أو إلغائها.

ولكن عقيدة التوافق وإكراهات التجاذب ميّعت الشرعية والمشروعية معا وجعلتهما أحيانا في حكم المشلول أو المعدوم… فلا الدولة بسلطة القانون استقامت ولا الثورة بسيف الحق انتصرت.

إنها وضعية “الشبه-شبه” أي شبه دولة وشبه ثورة لكي تبقى الجماعة الوطنية “بين-بين” أي في مراوحة دائمة وحائرة بين الانضباط والعصيان بما يفتح المجال العام على كل أنواع الفوضى والاضطراب والقلق.

على الدولة إذن تطبيق القانون وبسط سلطتها على كل المجال العام ولكن للثورة في المقابل واجب ترويض دولتها وتأنيسها حتى تصبح المسير الأمين والحكيم للأملاك العامة.

جمنة هي مركز الصدام ونقطة الالتقاء التاريخي الراسم لاتجاهات الجماعة وملامح ولادتها الجديدة فإمّا نحو الابداع والتألق والعلا وإمّا نحو أربعين سنة من التيه في صحراء الخراب والتهميش !

ربي يقدر الخير ويستر تونس العزيزة.

#الفساد_هو_الإرهاب

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock