تدوينات تونسية

الثورة السورية المغدورة والتوافق

مختار صادق
بعض الإخوة الحراكيين استقدموا تصريحا قديما للشيخ راشد الغنوشي الذي دعى حينها إلى إنهاء المأساة السورية ودبجوه غمزا ولمزا على رغبة الشيخ في جعل نظرية التوافق نظرية عالمية وقالوا أنه إما “عميل” أو “مفتري”! إذ كيف يستقيم أن نسوّي بين بشّار السفّاح والمعارضة التي تقاتل بشرف وكرامة؟!
نسي أو تناسى هؤلاء أن الثورة السورية بدأت تماما مثلما بدأت الثورة التونسية والمصرية وكان الغنوشي وحركة النهضة والترويكا وكل أحرار الشعب التونسي إلى جانب الثورة السورية قلبا وقالبا مع انطلاق “فتاوي” ودعوات في المساجد لنصرة الشعب السوري الشقيق. وكانت تلك من المآخذ القاسية والحاسمة التي استغلّتها المعارضة والإعلام الوهّابي في تونس (ولا زالوا يستعملونها إلى حد هذا اليوم) للإطاحة بالنهضة وإزاحتها من الحكم…
ثم بعد ذلك نعلم كيف تحولت ثورة الشعب السوري المغدورة الى حلبة للصراعات الدولية و الإقليمية وأصبحت مصبّا للمتعصّبين الدينيين على الجانبين السنّي والشيعي وحتى المقاتلين المرتزقة من كل دول العالم. دون أن ننسى انخراط دول عظمى (مثل روسيا وإيران وأمريكا) في تدمير سوريا وأهلها وتراثها حتى مات أو هُجِّر أكثر من نصف الشعب السوري دون أن يكون هناك حل في الأفق! وليتأكد “الثوريون الطهوريون” أنه لن يكون هناك طرف غالب وآخر مغلوب قبل أن يجني المستعمرون كل المكاسب التي خطّطوا لها! وعندما أدركت المعارضة السورية هذه الحقيقة المُرّة في السنة الفارطة وقبلها قررت أن تتجرع طعم السم (كما قال الخميني حين أنهى الحرب مع العراق!) وأن تتفاوض مع النظام وتقبل التعايش معه (كانت المشكلة في شخص بشّار هل يبقى على رأس الفترة الإنتقالية أم لا). فما وجه التناقض بين دعوة الغنوشي للحوار والتهدئة وانهاء الحرب وبين موقف المعارضة السورية الوطنية آنذاك؟ فلماذا المزايدة على الرجل؟
لم يكلفني أحد بالدفاع عن الغنوشي أو النهضة ولكن “شئ انطّق”. بالتونسي وماللخر… ثم فرق بين اللي عافس على الجمرة وأولادوا وأهلوا كل يوم يموتوا بالمئات (إلى حد هذه اللحظة)… وبين اللي يتحدث على الكرامة والنضال والمبدئية في الدفا من وراء الحواسيب!
 

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock