كمال الشارني
.
في “الأيالة التونسية”، أو الٍأرض التي تحكمها الهجالة، أنت معفى من القانون إن كنت ممن لهم علاقة بالسلطة، حين تصل الأمور إلى مواصلها، يقول لك: “حاكم يحكي معاك” انتهى النقاش، والحاكم، في بلدي، قد يكون قاضيا، كما قد يكون مجرد شاوش في الإدارة، فهو جزء شديد الأهمية من السلطة، أو عربيا أعطاه الباي حصانا على رأي المثل، أو زوجة الوالي، نسيب المعتمد في القرى والأرياف، ولا ترى عينك إلا “التاليفونات تخيط” العلاقات، “اش مكلمك فيه ؟ ما تعرفوش شكون ؟ بالله ما ننفي ربك للصحراء”، شفت ؟ آش لزك من الأصل ؟ ما تعرفش الناس، اسأل يا بهيم”،
.
سالت دماء كثيرة في الثورة الفرنسية قبل أن يطلق مونتسكيو مقولته الشهيرة في كونية وعدالة القانون والتي تصنع اليوم الفارق بين الأنظمة المستبدة والديمواقراطية الحرة: “لكل الأفراد نفس الحقوق من دون تمييز على أساس المكانة الاجتماعية، الدين، الآراء السياسية وما إلى ذلك”، ثم أضاف عبارته الساخرة: “القانون يجب أن يكون مثل الموت الذي لا يستثني أحداً”، من هناك بدأوا في صناعة المجتمع المتقدم.
.
بعد ذلك بمائة عام، انتهت التضحيات الإنسانية لعلماء القانون في الكومنولث (بريطانيا العظمى) إلى تعريف أكثر دقة عبر نص “آلبرت فين دايسي” في باب قانون الدستور في عام 1895 يقول: “كل مسؤول بدءأً من رئيس الوزراء وانتهاءً بالشرطي أو جابي الضرائب العادي يتحملون المسؤلية نفسها كأي مواطن آخر لكل عمل يقومون به دون مسوغ قانوني”.