الأحد 13 يوليو 2025
الطيب الجوادي
الطيب الجوادي

خربشات خالية من الكحول والكولسترول

الطيب الجوادي
حضر الأستاذ الطيب، الإجتماع الإخباري التقليدي الذي يسبق افتتاح السنة الدراسية، وقد حضره قبل ذلك أكثر من ثلاثين مرّة.
جلس في مكان قريب من النافذة، وأطلق العنان لذاكرته تجول به بعيدا في الزمان والمكان، وهو يعلم أنه لن يكون هناك جديد: سيشتكي المدير الضغط المسلط على الكولاج والمتمثل في نقص القاعات ومحدودية الامكانيات وكثرة الوافدين من التلاميذ الجدد مما يضطره إلى الوصول بعدد التلاميذ في القسم الواحد إلى الأربعة والثلاثين، وسيطلب منهم تحمل الاكتظاظ وقبول الجداول كما هي لأنه لا خيار لديه رغم حرصه على تحسين الظروف، وبعد أن ينتهي الإجتماع يتسلم الجدول فيلقي عليه نظرة عابرة ثمّ يدسّه في جيب بنطلونه دون نقاش، فقد عوّد نفسه أن يتقبل ما يُعرض عليه راضيا شاكرا،
وعلى كلّ حال فقد اقتنع أنّ المدرسة العموميّة غدت أشبة بسفينة شراعيّة تخلّت عنها الرّيح في بحر متلاطم وترك ركّابها إلى أنفسهم يحاولون العودة بها إلى اليابسة بوسائل بدائيّة، فالدولة قد تخلّت عمليّا عن قطاع التعليم العمومي وتركته يغرق في المشاكل حتّى يندثر من عند نفسه، دون أن تجابه الرأي العام والنقابات التي تعتبر التعليم العمومي خطّا أحمر، لم تعد الدولة تنتدب مدرسين أو إداريين أو عملة إلا في الحدّ الأدنى ولم تعد مهتمّة بتوفير التجهيزات الضرورية، بينما راحت تشجع التعليم الخاص وتمنح له التسهيلات وتعفيه من الأداءات.
والمدرسون وحدهم سيدفعون ثمن هذه السياسة من أعصابهم وصحتهم وحياتهم
لم يعد الأستاذ الطيب يحلم إلا أن يبقى على قيد الحياة حتى آخر السنة!


اكتشاف المزيد من تدوينات

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً

الطيب الجوادي

لن تكون أبدا في حاجة إلى عقل

الطيب الجوادي  كان على هنيّة أن تفكّ اللغز الي أقضّ مضجعها منذ ولادتي: لماذا كنت …

الطيب الجوادي

قبل يومين من عيد الفطر، تبدأ رائحة المقروض “تفحفح”!

الطيب الجوادي  وتنهمك كل العائلات في ريفنا الكافي البعيد في إعداده، فلا تمر ببيت من …

اترك تعليق