تدوينات عربية

أمة إقرأ لا تقرأ… أسوإ جلد ذاتي

فهد شاهين
هذا من اسوأ وأبلغ وأضر جلد ذاتي يمارسه المثقف العربي ضد شعبه ونفسه وأمته…
وهو نوع من أنواع تقرير المصير للإنسان العربي على أنه جاهل لا يقرأ..
وقبل أن أبدأ… وأطرح هذا الموضوع..
شخصيا أعرف عشرات الأشخاص لا يقرأون كتبا بشكل دائم إلا أنني أعتبرهم مثقفين جدا والعكس بالعكس…
وهؤلاء الذين لا يقرأون.. هم منتمون لقضايا أمتهم بثقافة محدودة (شعبية) غير نخبوية.. ولكنهم في الوقت نفسه أيضا بناة لجيل يقرأ.. تماما عكس جيل من المثقفين (قارئين) إلا أنهم لا ينتمون لقضايا أمتهم ولا يعتبرون أنفسهم منتمين لأمة أصلا.. بل ينتمون لعدو أمتهم وقضاياه أكثر..
هنا يمكن الحديث أيضا عن غير (قارئين) قادة وأبطل ومصلحين.. حيث تحرك دمهم وضميرهم نحو ما يحرك دم وضمير وروح أمتهم.. فكانوا أسرى وأبطال وشهداء.. وكانوا كتبا تقرأها الأيام والأمم والشعوب.. فعبد الكريم الخطابي وعمر المختار وعز الدين القسام وغيرهم الكثير هم كتبا لنا لمن يريد أن يقرأ طريق التقدم والتطور التحرر.
هنا يمكن الحديث أيضا عن من لا يقرأ بتاتا.. إلا أنه لا يمنع غيره من القراءة بحجة نخبوية أو نظرة فوقية لمن لم يستوعب قضايا الفكر الليبرالي الغربي.
وهنا يمكن الحديث عن مثقفين جل تفكيرهم أن يكونوا في برج عالي يجلدون الناس بأنهم لا يقرأون..
السؤال هنا.. متى توقف العربي عن القراءة
بداية يمكن القول بكل وضوح أنه بين أعوام 700م و1600م فإن العربي هو أكثر من قرأ وكتب وألف على المستوى العالم.
بل كان في فترات هو الوحيد من يقرأ ويكتب ويؤلف.
حتى بات الورق والحبر والتجليد صنعة عربية محتكرة للعرب وحدهم يتقنها حرفيو العرب في البصرة وبغداد وسمرقند والقاهرة ودمشق وفاس وقرطبة.
أيضا يمكن أن نضيف أن العربي بين أعوام 1600-1950.. حافظ على مستوى قراءة ضمن المعدل والمقبول دوليا وعالميا إلا أن التدهور في القراءة يرجع في هذه الفترة لتدهور حضاري عام سببه الرئيس ليس فقط تراجع عربي ملموس بل تقدم أوروبي ملموس لأسباب كثيرة جعلته هو رائد القراءة وصناعة القراءة.
أخيرا..
أود أن أؤكد أن العربي مايزال يحمل جينات حضارية وراثية تؤهله لأن يكون أكثر من يقرأ على المستوى الدولي.. إلا أن هذا الحال لن نراه إلا إذا تقدمت الدول العربية في بناء مشروع حضاري عصري نهضوي.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock