تدوينات تونسية

لغتنا أولى بهذه الغيرة

عايدة بن كريّم
لمّا أحد الأصدقاء يكتب تدوينة باللغة الفرنسية ويعمل خطأ في الرسم أو الصرف… الناس الكلّ تعلّق وتصلّح وكان لزم تسخر وتضحك وتحطّ هههههه. وكأنّه ارتكب جريمة… لمّا الواحد منّا يحضر ندوة شرط شروطها اتقان اللغة الفرنسية ويجد نفسه ينطق الكلمات بلكنة غير لكنة فولتار يتحرّج ويشعر بالنقص… خاصة لمّا يكون بعض الحاضرين فرنكفونيين أكثر من الفرنسيين أنفسهم… فيحرصون على مخارج الحروف وعلى النطق السليم ويُبدون اشمئزازهم ممن ينطق R/ آغ…. رغم أنّ خوليو اغليسياس فعلها وزادت أغانيه الفرنسية جمالا…
اللغة العربية داخلة فيها تراكس رسما وصرفا ونحوا وبُنية… الناس الكلّ تقرأ وتتعدّى…
بعض الفرنسيين يحرصون على التكلّم باللغة العربية فيكسرولها كرايمها (والأمر طبيعي) لكن أغلبنا يُعبّر عن إعجابه وإكباره للمجهود المبذول من أجل الكلام بالعربية…
لغتنا أولى بهذه الغيرة إن كانت التفاعلات ناتجة عن غيرة على اللغة وحرصا على سلامتها من العاهات والتشوّهات… أمّا إن كانت اللغة تُستعمل للتمايز المعرفي فلُغتنا العربية لا يُتقنها إلاّ راسخ في العلم ومُبحِر في قواعد النحو والصرف وهي لُغة العلم والمعرفة (أغلب العلوم القديمة وقع نقلها إلى اللغة العربية ثمّ نقلوها إلى اللغات الأخرى…)… وإمّا إن كانت اللغة تُستعمل للتمايز الاجتماعي فاللغة الفرنسية صفّر عليها قطار العولمة… والفرنسيس فاهمين اللعبة وهم بصدد ترسيخ لُغتهم في المُستعمرات القديمة حتى تبقى تابعة لهم ولا تخرج من تحت هيمنتهم الثقافية والسياسية والاقتصادية… وحتى يبقى نطاقنا المعرفي لا يتجاوز المدارس الفرنسية (دوركهايم وبورديو وميشال فوكو وبياجي…).
•••
أعتذر للغة العربية عن عدم اتقاني لفنونها وقواعدها…

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock