تدوينات تونسية

العدالة الانتقاليّة… هل انتقلت إلى رحمة الله

سامي براهم
مرّت الذّكرى الأولى على أوّل جلسة استماع لشهادات “الضّحايا” في تجربة العدالة الانتقاليّة في تونس… بعد سنة كاملة ما الذي حقّقه هذا المسار ؟ وما هي آفاقه ؟
قبلت في ذلك اليوم أن أقدّم شهادتي في تلك الجلسة لسبب وحيد هو دعم هيئة الحقيقة والكرامة وإسناد مسار العدالة الانتقاليّة كسبيل وحيد لكشف الحقيقة ومساءلة الجلادين وفتح باب المصالحة الحقيقيّة… لذلك رفضت طلب تقديم شهادة من وراء ستار… رغم حرج مضمون الشّهادة لعائلتي… لقد كان كشف الحقيقة يقتضي عرضها بوجه مكشوف وقلب مفتوح…
كان حجم التعاطف غير متوقّع… الآلاف من الرّسائل الطوفانيّة التي لا أزال بصدد اكتشافها…
اليوم ماذا بقي من كلّ ذلك الزّخم العاطفي ولحظات الوعي العميق واليقظة الصّادقة في علاقة بحماية مسار العدالة الانتقاليّة ودعمه وإسناده بالشّكل الذي يقطع الطّريق على عودة الاستبداد والانتهاكات من جديد ؟
حال الهيئة يختلف عن لحظة التّضامن والقوّة التي انطلقت بها… خلافاتها الدّاخليّة كادت أن تعصف بها في محطّات متعدّدة… حتّى أصبحنا نخشى لا على جبر ضرر مادّي لم نطالب به أصلا بل على ذاكرة يفترض أن تتوثّق بعد كمّ الشّهادات والعذابات التي رويت في مئات الجلسات السريّة…
إيمان الأحزاب والنّخب بجدوى مسار العدالة الانتقاليّة ومصداقيّته وشفافيته ضئيل ولا يشكّل حزام إسناد لهذا المسار الذي بقي يتيما مهمّشا تتناوشه الأيدي بحسب المصالح والحسابات.
مؤسّسات الدّولة كان تفاعلها ضعيفا بل معرقلا في التّفاعل مع هذا المسار الذي من جملة أهدافه إصلاح الإدارة بكشف طريقة اشتغالها زمن الاستبداد وتفكيك منظومة الانتهاكات والفساد…
الضّحايا لهم الله بين مريض ومفقّر ومجوّع يحدوهم الأمل في صندوق يحفظ كرامتهم ويجبر ضررهم قبل صندوق يكرمهم بلقاء ربّ رحيم ينصفهم ممّا لحق بهم من مظالم.
ماذا بقي من مسار العدالة الانتقاليّة ؟ هل انتقل إلى رحمة الله ولم يبق منه إلا الآمال المعلّقة عليه ؟

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock