مقالات

خواتم المافيات ظاهرة عالمية تحالفت علينا

أبو يعرب المرزوقي
لا شيء يثلج قلب أي متابع عربي للشأن الأمريكي خاصة والأوروبي عامة إلا اكتشاف أن الحكام لديهم ليسوا بأفضل حال من الحكام عندنا: كلهم خواتم. والأصبع المحركة للخواتم واحدة: اكتمل سلطان الصهيونية المسيحية هناك وهنا. وتم الافتضاح بترومب في أمريكا وفشل المحاولة الديغولية في أوروبا.
حاول دي غول اخراج فرنسا من تحولها إلى خاتم في إصبع المسيطرين على الجمهورية الرابعة التي صارت مثل شيوخ روما خاضعة للفساد والمافيات الخفية. لكن المحاولة بدأت نهايتها بوصول الاشتراكيين إلى الحكم وهم في الحقيقة حزب صهيوني إلى النخاع ثم اكتمل الأمر مع ساركوزي وأتوا أخيرا بماكرون.
فأنا لا أومن بالمعجزات: ما كان هذا الرجل ليحقق ما رأينا إلا لكونه مثل أوباما كان ضروريا لخطة جديدة تحول دون المتوقع. درست حالة أوباما.
فلأذكر: سلطان المسيحية الصهيونية بدأ يشعر بخطر حلف مثلث ممكن بين سود أمريكا ولاتينيها ومسلميها. ولا حل إلا بدمية من سود أمريكا: دور أوباما.
أوباما لا سلطان له تماما كأي حاكم عربي. وسنرى أن ماكرون لا سلطان له تماما كأي حاكم عربي. ودمية أمريكا تؤكد كل يوم أنها دمية غبية: ترومب.
وحتى نفهم ما سميته الحلف الخفي بين إسرائيل وإيران ينبغي أن ننظر ما يجري في الغرب نفسه وليس في الاقليم: فلوبياتهما في تعاون وثيق للاختراق. والعرب المتناحرون قد يظنون في تنافسهم لشراء بعض الذمم ضمن هذه اللوبيات وهؤلاء لا يترددون في إيهامهم بأنهم إلى صفهم هذا وذاك لحلبهم جميعا. فعندما سمعت العتيبة والقرقاش (بالتونسي: من ليس عنده ما يقول) وقرأت مطالبهم علمت أن مستشار أسيادهم الذين امتصوا دم شعوبهم يسخرون من عقولهم. فهم جعلوهم يطلبون ما وصفته بلائحة اعتراف بجرائم ستصبح لاحقا حجة عليهم لمحاكمتهم إذ كلها كانت جرائم بمقتضى القانون الدولي والقانون الإنساني.
وإذا فيما يثلج الصدر مؤلما فهو التماثل الشكلي من حيث السلطان السياسي يصحبه التفاضل من حيث السلطان العقلي: في الغرب اللعبة لا تضر بالخاتم. عندنا الخاتم يخرب نفسه بحركة الإصبع: فمن يستشير بلار -لاورنس الثاني- سيكون مآله مآل الذين اعتمدوا على بلار الأول لاورنس العرب: يخربهم بمالهم. لا توجد جماعة سوية في العالم تسير ذاتها بمستشارين أجانب وتحمي كيانها بحاميات مرتزقة وتعمر بلادها بعمال يفوق عددهم عدد سكانها بعشرين مرة. إذا كان العقل أجنبيا واليد اجنبية والمأكول والمشروب أجنبيا والناطحات أجنبية فإن البلاد ليست إلا محطة للحركات الأجنبية: ثم يزعمونها دولا؟
تساءل البعض: كيف لبلد صغير أن يحاول احتلال اليمن وموانيه. وهو سؤال سخيف: هو محتل ولا يحتل شيئا وإنما ينفذ ما صرح به ترومب حول القواعد. ألم يقل إن عشرة دول مستعدة لبناء ما يماثل قاعدتهم في قطر؟ المشروع بدأ ومثله بدأ المشروع في انجرليك في تركيا. الهدف أنهاء أدني مقاومة. ما تقوم به الإمارات لأنهاء دور السعودية تقوم به الحركات الكردية لإنهاء دور تركيا. قد نجحوا في الأول قبل الثاني لأن اليد الأولى قادرة ماليا. لكن الجزية التي حصل عليها ترومب مؤخرا ستمكن من تمويل تعويض انجرليك: وفي الحالتين تعتمد أمريكا على مرتزقة يمولها حكام العرب لحماية عروشهم. وختاما، فحتى ترومب مثلهم: هو خاتم في إصبع حلف الساعين لاسترجاع امبراطوريتين سابقتين على الإسلام شعوبية الإقليم وصهيونيته. انتهى الكلام.
لكن ما قصة الشبه بين ماكرون وأوباما؟
فهمنا أوباما بكونه لمنع الحلف المثلث بين السود واللاتين والمسلمين الحلف المهدد للصهيونية المسيحية.
فلماذا ماكرون؟
تبين أن الديموقراطية على سوئها قد تقضي على سلطان المسيحية الصهيونية في فرنسا بسبب يقظة شباب فرنسا الأصليين والمهاجرين. فلدى هؤلاء شيء من الأنفة الديجولية والميل إلى الاستقلال من التأثير الصهيوني. لذلك فلا بد من نفس الخدعة التي نجحت مع أوباما: شاب متعاطف. وقد يصدق نفسه كما توهم أوباما لأن من شروط المصداقية أن يكون الخاتم مصدقا أنه مؤلف وليس ممثلا. لكن تبين أنه ممثل رديء. وكذلك سيكون ماكرون. أخشى حدسي. لكن تجربة أوباما تزيدني خشية. نجاح ماكرون ليس ضد زعيمة اليمين بل ضد غبائها: الغاية واحدة والوسيلة أذكى. والتمويل صهيوني عربي.
لكن ما كل مرة تسلم الجرة. شباب أوروبا أكثر وعيا من عامة الشعب الأمريكي الذي هو من أكثر الشعوب جهلا وأمية بما يتجاوز بطنه ومن دون سرته. جاءهم من سيحقق ما وعدهم به من “دجوبس” بتمويل الأعراب وبمطالبات ومحاكمات تؤدي إلى إفلاس المتهمين بالإرهاب. وسيبقى رغم تدخل مافية روسيا. فمافية روسيا التي أوصلته إلى الحكم هي بدورها جزء من الاخطبوط الذي توظفه المافيات للسيطرة على المسيطرين على العالم بطريقة الفيروسات. ونحن العرب والمسلمين عامة نوجد في نهاية العملية: الكل يحلب من يحلبنا. تحلبنا مافياتها وهي محلوبة من المافيات التي تتحكم في مافيات العالم. وما ظلت شعوبنا ساكتة على من يحلب ضروعها الجافة فهي تستحق ما يحصل لها: فالشعوب أصبحت بسبب نخبها العميلة تعبد مستعبديها كالسيسي وأمثاله.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock