السبت 28 يونيو 2025
نور الدين الغيلوفي
نور الدين الغيلوفي

عادت الحرب بين الحسين ويزيد إلى تونس

نور الدين الغيلوفي

أنا لا يشغلني أمر التشيّع في البلاد. يبدو لي أنّ التوانسة في غنى عن عصبيّات جديدة تزيد من تفرّقهم. ولن يرضيَهم استدعاء فتنة حدثت بين الحسين بن علي أبي طالب ويزيد بن معاوية ليضرموا بها نارا أخرى. لدينا من النيران ما يكفي لدوام الحرائق. وإضافة فريق آخر إلى اللعب لن يحسّن في التباري. كلّ اللعب هنا رديء.
الأمر لا علاقة له بالدين والمعتقدات. كلّ الذي فيه أنّنا نزيد من منسوب لعن هذا والصلاة على ذاك. واللعن والصلاة قولان لا أكثر.
الأمر في حقيقته سياسي.

التشيّع في تونس
التشيّع في تونس

كيف ذلك؟

بن علي استعان بالوطد وأتباع الأنظمة العسكرية القومية العربية ليستأصل الإسلاميين من تونس مرّة واحدة. مع القبضة الأمنية عمل على تجفيف المنابع التي يمكن أن يتغذّى منها التديّن الذي قد يؤدّي إلى إحياء “الإخوان”. وبلغ به الأمر ملاحقة مرتادي المساجد ليصمهم بما يقضي عليهم “بالقانون”. وقد نجح في ذلك نجاحا منقطع النظير حتّى صار الذي يصلّي يكتم صلاته مخافة أن يُقبَضَ عليه متلبّسا بأدائها.

مع الانفجار الإعلاميّ وظهور “الدعاة” على الشاشات عاد الناس إلى “الدين” في بيوتهم على الأقلّ. واتّسع الفتق على رتْق الدولة. هنا كان لا بدّ من استدعاء التشيّع لضرب التديّن “الإسلامي” من داخله. جيء بإسلام سياسيّ نقيض للإسلام السياسيّ الذي ترتاب منه الدولة لضربه بجَنيسه. وعادت الحرب بين الحسين ويزيد إلى تونس بعد أن هاجر الفاطميّون تونس.

تظنّ لجان “التفكير” التجمّعيّة العائدة أنّ التشيّع قد يكون سبيلا إلى قطع السبيل. غير أنّ للتاريخ مسارهَ لا يخطئه. وفي مسار التاريخ منعرجات ومنحدرات. والحال الآن ينحدر.
والانحدار حال لا يدوم.

#كلمتان:
الأولى للمتشيّعية الذين يجهّزون منصّاتهم لعاشوراء.
ماذا لو أنّكم فكّرتم قليلا وحوّلتم المناسبة إلى مهرجان وقلبتم اللطميات إلى رقصات؟
ألستم بذلك تجعلون تشيّعكم بهيجا؟ هذا زمان البهجة وليس زمان الأحزان.
لولا الحسين أكان لكم كلُّ هذا النشاط وهذه الحماسة صيفًا أو شتاءً؟
الحسين بشر وليس إلاهًا ممنوعا من الموت. ألم يكن اسشهاده في ذلك الزمان جائزة له لا تدانيها جائزة؟ فعلام البكاء على الذي نال الجائزة؟ أليس أحرى بكم أن تفرحوا له وتدّخروا الدماء السائلة؟ الحروب لا تزال ممكنة وهي أحقّ بالدماء من بكاء الحسين.
الحسين في الجنّة، فعلامَ البكاء؟

الكلمة الثانية للجماعة الذين يندبون لأنّ المتشيّعة يعدّون عدّتهم ليندبوا الحسين.
علام خوفكم؟
القوم أحرار في ما يفعلون بأنفسهم ونحورهم وظهورهم ما يشتهون، ولهم أن يندبوا كما شاؤوا.
هل تخافون أن تتحوّل تونس إلى بلاد شيعيّة؟
لن يكون ذلك.
لقد قامت، هنا، دولةٌ شيعيّة ولكنّها لم تعمّر. ذهبت وبقي الحديث. ذهب الفاطميّون وبقيَ لنا الفول نأكله في عاشوراء وبعض حديث عن سيّدنا علي
وسيفه المفلول.


اكتشاف المزيد من تدوينات

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً

نور الدين الغيلوفي

ليس لنا حلّ غير الالتقاء

نور الدين الغيلوفي نقطتان ألحّتا عليّ اليوم 1. لست حزينا ولا متشائما. لا أميل إلى …

نور الدين الغيلوفي

قال لي الفيلسوف عن الكتلة التاريخية

نور الدين الغيلوفي سألتُ الفيلسوف، – أما زلت تؤمن بالمشترك وتنادي بالكتلة التاريخية؟ فأجابني: – …

اترك تعليق