الأمين البوعزيزي
لئن كانت منظومة اللصوص قادرة -بفضل تملكها لحنفية المال السياسي وأجهزة الدعاية- في اللحظة الحاسمة على وضع حد لحالة الإسهال الحزبي ومركزة مرشحها للسطو على قرطاج. فإن منظومة الديموقراطية تعاني من نرجسية رموزها وتشظي صفوفهم مما جعلهم يتقدمون مشتتي الصفوف دون أدنى شعور بالمسؤولية!!!
أمام هكذا تحدي وانخرام موازينه يصبح مطلوبا توضيح مواصفات المرشح الأكثر حظوظا موضوعية في مواجهة ماكينة المنظومة اللصوصية العاتية القادرة على سرقة أعتى الديموقراطيات “ديموقراطيا”!!!
النظام السياسي المدستر وزّع السلطة بين البرلمان والرئاسة؛ إذ لم يعد ساكن قرطاج حاكما بأمره ولا نواب البرلمان مجرد مناشدين.
• ما المطلوب من حاكم قرطاج اليوم؛ بل قل ماذا أبقى له الدستور من صلاحيات جردته من مخالب وأنياب الاستبداد؟
- حاكم قرطاج مطالب اليوم بحماية عُلوية الدستور.
- السهر على ضمان سلامة الأمن الوطني (“القومي”).
- التعبير عن وحدة المجتمع بتخفيف حدة الصراعات السياسية ساعة الانحراف.
- دبلوماسية مشعة قادرة على إشعاع البلد وجلب المصالح المادية والرمزية له.
• ماهي مواصفات المرشح القادر على ضمان هذه المهمات والقادر على المنافسة الجدية للمنظومة المسلحة بكل أدوات السطو على الديموقراطية “ديموقراطيا”؟
- أن يكون له إشعاعا دوليا يمكنه من التفاوض الوطني على ضمان مصالح شعبه في مناخ هيمنة عولمية عاتية.
- أن يكون صاحب سيرة نضالية زاخرة بالدفاع عن حقوق الإنسان والديموقراطية والدولة المدنية والسيادة الوطنية.
- أن يكون شخصية سياسية قادرة على إختراق الاستقطابات الأيديولوجية ويحظى بالقبول والثقة لدى جمهور انتخابي عريض عابر للاستقطابات الهووية المنغلقة المتصادمة.
• من هو المرشح الأكثر تملكا لهذه المواصفات بين صفوف المترشحين الذين تعذر تنازلهم لبعضهم البعض؟
من سأذكرهم أسفله؛ أقف على نفس المسافة العاطفية منهم جميعا؛ لا احمل أي عداء أو تحيز ضد أحدهم أبدا أبدا خصوصا وأن أغلبهم يربطني به ود أو رفقة نضالية زمن السابع الفاشي اللصوصي التابع.
لكن لابد من الحسم العقلاني البارد لوضعهم جميعا على سفود المواصفات التي حددناها أعلاه:
• حمة الهمامي: تاريخ نضالي حافل لكن قربه من يسار الشبهة/الشعبة أفقده الكثير من رصيد القبول المخترق للاصطفافات الهووية القاتلة. مما لا يرشحه منافسا قادرا على فرض منافسة جدية للمنظومة في سباق انتخابي واقع في قبضة فوضى السوق.
• مصطفى بن جعفر: تاريخ نضالي حقوقي وسياسي محترم؛ لكن سقطة غلق أبواب المجلس التأسيسي عام 2013 أمام هجمة أجواء انقلابية حاولت استنساخ السيناريو الذي نسف الثورة المصرية؛ لا ترشحه لنيل ثقة ترؤس القائد الأعلى للقوات المسلحة ومهمة حماية الدستور.
• محمد عبو: مناضل ديموقراطي حقيقي أقوالا وأفعالا. لكنه ارتهانا لبعض شقوق حزبه الحالي فقد الكثير من الإشعاع العابر للاصطفافات الهووية المتنافية. فضلا عن استقالته غير المقنعة زمن تولى أخطر الوزارات قدرة على تفكيك سرطان الدولة العميقة؛ لكنه استقال دون أسباب مقنعة حد الساعة. سببان يقضمان كثيرا من إشعاعه ويجعلانه غير قادر على فرض منافسة جدية للمنظومة على الأرض في ظل موازين قوى غير متكافئة.
• قيس سعيّد: يحظى بسمعة طيبة واسعة الإنتشار تكريما له على مواقفه المنحازة لثورة التونسيين رغما عن عدم معرفتهم به قبل الثورة. لكن المشكل أن جمهوره الذي يطالبه بالترشح للرئاسة هو جمهور يطالب برئيس حاكم بأمره في مخالفة وجهل/تجاهل لصلاحيات الرئيس في دستور تونس اليوم؛ مما يجعل الأمر مجرد تحايل سياسي!!!
• محمد المنصف المرزوقي: تاريخ نضالي حافل بالنضال الحقوقي والسياسي والأكاديمي (الطب الشعبي). فضلا عن إشعاع دولي لافت أينما حل؛ إذ جلب لبلده إشعاعا دوليا واحتراما غير مسبوقين لتمثيل تونس الثائرة على الاستبداد؛ وفضلا عن دبلوماسية إقتصادية في أسواق قارتنا السمراء.
منحاز للديموقراطية وقيم العيش المشترك بشكل مبدئي كثيرا ما تعارض مع متطلبات السياسوية البراغماتية.
صموده أيام الحرب المتوحشة على الثورة إرهابا واغتيالات وارباكا مجتمعيا شاملا.
وفضلا عن ربطه لقيم تونس الثائرة على الاستبداد بقيم المقاومة في فلسطين (إستقبال قادة المقاومة؛ والمشاركة في حملة فك الحصار عن غزة) والوفاء لحق الشعوب الثائرة على الاستبداد في ليبيا وسورية والرفض الكلي لنهج التسليح المدمر للأوطان.
وفضلا عن انحيازه لمؤسسة الجيش الوطني وتسليحه بعد طول عقود من الإهمال النوفمبري المبيّت.
وفضلا عن تكريمه للرئيس الراحل الحبيب بورقيبة (الكتاب الأبيض ومتحف بورقيبة بقصر سقانص بالمنستير وإرجاع صورته إلى قصر قرطاج ردا على الإذلال الذي لحقه على أيدي صانع جريمة سبعة نوفمبر.
هذا لا ينفي وقوع أخطاء كثيرة لا نعتقد أنها مقصودة أو خاضعة لأية أجندات. ورغم تعرضه لحرب دعائية شرسة وشاملة لاغتياله رمزيا إلا أنه رفض مطلقا مقاضاة أي إعلامي أو مؤسسة إعلامية.
كل هذه المواصفات تجعله المرشح الأكثر قدرة على منافسة منظومة اللصوص جديا على الأرض رغما عن موازين القوى المنخرمة مطلقا ضده.
ولكل هذه المواصفات أراه الأجدر بالاسناد في المعركة الإنتخابية القادمة في مفتتح فصل الخريف.
—————- هذا موقفي أضعه بين أيدي من طلبوا موقفي؛ ومن يستأنسون بموقفي.
ملاحظات:
- كتبتُ هذا في زمن أصبح الاقتراب من المرزوقي موقفا غاليا دفعا لا قبضا. ولن أقف أبدا إلا حيث دفع الثمن.
- نكتب هذا تذكيرا لمن كانوا يحومون حوله زمن كان الثمن قبضا وانفضوا عنه ساعة أصبح الثمن دفعا. نراهم اليوم يحومون حول دافع جديد…
- الكفاح الديموقراطي بالنسبة لي ليس انخراطا في منطق السيستام كما بهرف بعض أصدقائنا باسم الجملة الثورية التي لا تعدو أن تكون أمنيات مفتقدة لشروط التحقق على الأرض. الكفاح الديموقراطي إسناد موضوعي للنضال الإجتماعي الجذري؛ وجدل إجتماعي حر وإمكانيات مضافة لبناء حامل إجتماعي قادر على النصر في المعارك الإستراتيجية لأمة مضطهدة مستباحة.
✍الأمين البوعزيزي.
“نشر هذه التدوينة عن المرشحين للإنتخابات الرئاسية استثناء خاصا لـ الأمين البوعزيزي باعتباره المدون الاول في تدوينات”..
اكتشاف المزيد من تدوينات
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.