نور الدين الغيلوفي
- الوطد (حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد) كانوا شركاء بن علي في نظامه، استعملهم على خططه التابعة له واستعملهم في المعارضة واستعملهم في الاتّحاد، وجعل منهم عيونه عليهما.. كانوا مخبرين يأتونه بكلّ شاردة وواردة. واستعملهم في الزنازين جلّادين يعذّبون المعتقَلين.
بعد الثورة “قلبوا الفيسته” وأعادوا انتشارهم. ولكنّهم أدركوا أنّ مناخ الديمقراطية والحريات يخنقهم وعلموا أنّه، إن استمرّ، فسيحكم عليهم بالذوبان. هم لا يعيشون إلّا على ضفاف سلطة تجعل من محاربة “الإسلام السياسيّ” مشروعا لها. وذلك هو مشروعهم. وقتها يكونون، آليًّا، أبناء ذلك المشروع. يكفي أن يجدوا سلطة تعادي الحريات وتُحكم حظرها على عدوّهم اللدود لينتسبوا إليها وليعلنوا ولاءهم غير المشروط لها يشربون من مائها الذي تبقيه لهم لقاء مهمّاتهم التي لا يؤدّيها لها غيرهم.

- القاضي الأستاذ أحمد صواب ليس في صفّ أعدائهم. يقول عن نفسه إنّه رجل حقوقيّ يميل إلى الحقّ ويدافع عن المظلومين مهما كانوا ولا يوالي الظالمين مهما كانوا. رجل بارع في اختصاصه مثقّف فصيح ذو حجّة قويّة شجاع لا يتلجلج. أحمد صواب ليس له أيّ ميل إلى الإسلام السياسيّ بل هو من أشدّ معارضيه وأشرسهم في التعبير عن رأيه المعارض له. لا أظنّ أنّه من الوطد ولكنّني أتصوّر أنّه ممّا يسمّى العائلة “الوطنيّة الديمقراطيّة” الموسّعة.. ربّما.

كانت تدوينة كتبها رئيس الوطد السائد المنجي الرحوي كافية لإثارة ذباب الوطد ضدّ الأستاذ القاضي أحمد صواب. وقد رموه عن قوس واحدة بشتّى النعوت ووصموه بمختلِف أنواع الوصم ولم يقدّروا منه شيئا و”أكل على رأسه” منهم سبّا وشتما وتخوينا. أخونوه ودعوشوه وجولنوه ولم يتركوا صفة يكرهونها إلّا رموه بها.
الرحوي اضطرّه رفاقه، بهجومهم على أحمد صواب، إلى تدوينة أخرى نسخ فيها تدوينته السابقة. ولأنّه بارع في الهروب إلى الأمام فقد اكتفى في تدوينته الثانية بتلاوة كتابه الذي يحفظه عن ظهر قلب ولا يزيد عليه .
قال في تدوينته:
((إلى الصفحات المأجورة والجمعيات المأجورة والأفراد المأجورين… والذين استبشروا بمجرّد تدوينة واستعملوها في مآربهم… أقول لهم إنّ مسار 25 جويلية متواصل ما زال لم يحقق كل مهامه وأولها كنس منظومة الخراب.. وان مقاومة الفساد ومحاكمة المجرمين ممن قاموا بتسفير شبابنا واغتيال جنودنا وأمنيينا وقادتنا السياسيين وأشاعوا الإرهاب ومضوا في تفكيك الدولة والمجتمع معركة لا بد أن يواصلها ويضفر بها شعبنا… البوصلة هي الوطن والشعب ضد العملاء والخونية المفضوحين منهم والمتسترين))
ولقد نقلت للمتابعين التدوينة كما هي بأخطائها حفظا لأمانة النقل.ما أفهمه إذا ما رددت هذه التدوينة إلى التي سبقتها، تلك التي كتب فيها
((اللي وقع مع الأستاذ المحامي أحمد صواب مرفوض جملة وتفصيلا…سنفعل ما يجب فعله))
ما أفهمه أنّ الرفيق قد حملته تعليقات رفاقه على التراجع عن “تهديده” الذي في تدوينته الأولى. لقد بدّل موقفه وتخلّى عن وعيده. وعاد الأستاذ القاضي أحمد صواب إلى منزلته في رأي الوطد. ومكانه هو بالضبط في خانة “العملاء والخونة المتستّرين”. هذا طبعا بعد أن صار أحمد صواب متعقَلًا وليس قبل ذلك.هؤلاء هم الوطد. انتهازيّون كما لا تُعرَف انتهازيّةٌ. يستمسكون بهذه اللحظة لأنّهم يرون فيها فرصتهم الأخيرة في النجاة من ديمقراطية يذوبون فيها وينتهي لهم كلّ وجود. لقد عادوا، بعد العشرية، إلى مواقعهم القديمة من جدران الدولة يسكنون فيها ينخرونها ويمنعونها من كلّ مناعة. وظيفة وكالة للذين لا يريدون بهذه الشعوب خيرا. سوس ينخر الدولة يعطّبُ مناعتها…
أولائك هم الوطد.
اكتشاف المزيد من تدوينات
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.