نور الدين الغيلوفي
نقطتان ألحّتا عليّ اليوم
1. لست حزينا ولا متشائما. لا أميل إلى خطاب الوعظ والحكمة المُطَمْئِنِ. لا أصادره ولا أنكر أثره النفسيّ على المكلومين، ولكنّني لا أطمئنّ إليه. غير أنّ حدسي يقول لي إنّنا أمام مشهد ميلودرامي عابر لا يرقى إلى إيقاع التشاؤم. لأنّه أقلّ من أن يحدث في العقلاء تشاؤما. ما يطيل هذا المشهدَ غيرُ تفرّق دعاة الديمقراطية لأنّهم، بعدُ، لا يزالون يعيشون تحت وطأة وعي مشوّه تربّى على عين الاستبداد. سيملكون الوعي الديمقراطيّ يومَ أن ينكر بعضُهم نفسه ويؤثر عليه غيرَه، لأجل أن تنتعش شجرة الحرية التي إذا ما سمقت أظلّت الجميعَ ظلالُها. هؤلاء الفرقاء سينتهون إلى خفض جناح بعضهم لبعض. تلك ضرورة لا محيد عنها. ولا بديل لها غيرُ هذا الذي يرونه جميعا. سيرومونها وإن لم يحبّوها. هي أشبه بجرعة دواء. والدواء غالبا ما يكون مرّا.
- انسجاما مع النقطة الأولى. كل عائد من صفّ الانقلاب فهو شريك مهما كانت جريرته. الجميع أخطؤوا. ومن لم يعترف بينه وبين نفسه بخطئه فقد خطّأه غيرُه. منذ 25 جويلية 2021 دخل الجميع في محنة. وقد تعدّدت وجوه المحنة. من بين هؤلاء من امتُحن بالملاحقة والاعتقال. ومنهم من امتُحن بالتشويه ومنهم من امتُحن بالمنع والحجر والحظر. ومنهم كذلك من امتُحن بالطمع وقصر النظر وبالجهل بالعواقب. كثيرون يصعب عليهم أن يعتذروا. الاعتذار مقام رفيع لا يبلغ إلّا الصفوة. وفي حالنا الراهنة الرغوة غالبة. اقتربوا من هؤلاء الذين وقفوا مع الانقلاب ساعة قيامه ثم تراجعوا مهما كان سبب تراجعهم، على الأقلّ عملا بمنطق “من دخل دار أبي سفيان فهو آمن”. مع الانتباه لأبي سفيان المجرَّب حتّى ينجح في الاختبار.
الديمقراطيّة تهضم الجميع حتّى هؤلاء الذين نكثوا، في السابق العهود وطعنوها في الظهر. ليس لنا حلّ غير الالتقاء. ذلك هو ما يزعج الانقلاب. وما خرافة التآمر وما هذه الأحكام المجنونة إلّا بسبب التقاء الفرقاء.
كلّ لقاء بين الناس، في فهم هذه السلطة، تآمر.
اكتشاف المزيد من تدوينات
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.