سامي براهم
تواصل معي أحد النّاشطين السّوريّين لطرح أسئلة حول تجربة العدالة الانتقالية في تونس للاستفادة منها في ما ستقدم عليه سوريا من مسار عدالة انتقالية بعد سقوط نظام بشّار المجرم…
كان حريصا على معرفة الإطار القانوني والسياقات التي حفّت بتأسيس الهيئة وكيفيّة مباشرة أعمالها وما أنجزته … وقد كنت حريصا في تفاعلي معه على عرض العوائق التي واجهت المسار في تونس لاجتنابها في سوريا…

بعد حديث مطوّل بادرني محاوري قائلا: عجيب أمركم أيّها التّوانسة ليس عندكم انتهاكات ذات خلفيّة طائفيّة أو مذهبيّة أو دينيّة أو قوميّة أو عرقيّة… ولا حجم انتهاكات شمل ملايين المهجّرين وآلاف القتلى والمفقودين ومئات آلاف المساجين والمعذّبين طيلة أكثر من نصف قرن … ومع ذلك وجدتم العوائق في طريق مصالحة هي من أيسر ما يكون مقارنة بما عندنا من انتهاكات جسيمة ومظالم وجرائم لا تزال خيوطها مجهولة…
لم أجد جوابا لمحاوري سوى أنّ أنظمة الاستبداد واحدة سواء اتّسعت دائرة انتهاكاتها أو ضاقت… ولا تسقط دفعة واحدة بل تبقى تقاوم من أجل بقائها وتستهدف كلّ نفس للإصلاح والمصالحة…
دعوته أن يقرأ جيّدا التجارب المقارنة للعدالة الانتقالية وأن لا يسقطوا في أخطاء من سبقهم… وعادت بي الذّاكرة إلى ما واجهته العدالة الانتقالية في تونس من عمليّات تخريب جماعيّ اشترك فيها سياسيّون وإعلاميّون وبرلمانيّون ونخب فكريّة وأكاديميّة جميعهم ساهموا في التّعبئة ضدّ هذه التجربة وتجييش المواطنين ضدّها …
حقّا صدق محاوري : عجيب أمرنا أيّها التّوانسة
اكتشاف المزيد من تدوينات
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.