أبو يعرب المرزوقي
لا حاجة لأن أكرر أني لا انصح المجاهد لو كنت اعده مقصورا على المواجهة المسلحة: فهذه المواجهة جهاد إرادة حرة بناء على حكمة راجحة الاستراتيجيا الدبلوماسية فيها لا تقل أهمية وفاعلية عن الاستراتيجيا العسكرية.

لو كان الأمر متعلقا بالاستراتيجيا العسكرية -وهو كذلك في مسألة تجريد الحركة من سلاحها- حصرا فيها لما “فتحت بئي” بالمصري الفصيح لكنها ليست مقصورة عليها.
لذلك فالمسألة تنتسب إلى الشورى العامة التي يسهم فيها كل مواطن مؤمن بالحاجة إلى الوصل بين الغاية والأداة في المقاومة.
فما هي الغاية من المقاومة؟
أليس تحرير فلسطين وتكوين دولة
فتكون مقاومة ليس لإسرائيل وأمريكا وحديهما بل لكل من يدعي حصر هذا التحرير في الإبقاء على سلطانهما الذي هو من جنس ما هو عليه في كل المحميات العربية التي ليست هي علة وجود إسرائيل فحسب بل هي علة تأبيد بقائها؟
محاولة إيقاف المقاومة رغم نجاحها
النجاح العسكري:
هزيمة إسرائيل وإثبات أنها لا تصمد اكثر من أسبوع من دون مساعدة غربية لا تكتفي بالتسليح والتمويل والتغطية المانعة لتطبيق القانون الدولي ولحين إذا تواصلت المقاومة.
النجاح الرمزي:
سقوط كل سردياتها لدى شعوب العالم كلهم حتى وإن بقي بعض حكامهم إما يقولون ما لا يفعلون وهو النفاق يخضعون للوبيات وهو امر لن يدوم لأن المقاومة ستعم بلدانهم لأن ازدواج المعايير ينطبق على كل مستضعف.
ومع ذلك فإني -من باب المقاومة الدبلوماسية والخطابية- أرى أن رفض نزع السلاح دون حجج تكتفي بالحق في المقاومة للرد على ما يدعيه الغرب من حق لإسرائيل في الدفاع عن النفس وصفا لها بكونها إرهابا ليس كافيا إذا لم يكن مصحوبا بشروط تسليم السلاح ما هي؟
الشرط الأول:
قبول الكلام في النزع ووضع سؤال لمن يسلم السلاح؟ هل سيكون لإسرائيل رغم أنها لم تستطع نزعه عنوة أم لمن سينوبها من العرب الذين خذلوها أم لأمريكا التي سلحت ومولت الحرب وغطت عليها وفشلت مع ذلك في حسمها وتحقيق أهدافها؟
الشرط الثاني:
تطبيق قرارات الأمم المتحدة التي كانت اصل التقسيم أولا وقبلت بتحقيق نصفه، شرعنت دولتين بالتقسيم لكنها سمحت بنشأة واحدة دون الثانية. فيكون غياب الثانية علة لعدم شرعية الأولى لأنها فرضت بالقوة التي تجعل كل ما هو حصة الثانية ليس شرعيا.
الشرط الثالث:
فلنوجد ما غيبه العنف الإسرائيلي والغربي وحتى العربي مما أسسته الشرعية الدولية وحينها تصبح العلاقة بين دولتين ولا حاجة لمقاومة شعبية حتى لو تحاربتا لأن ذلك يكون خاضعا لمنطق الحروب بين سيادتين فلا يحق لأحد أن يجادل في مقاومة دولة معتدى عليها لدولة معتدية.
الشرط الرابع:
غياب الدولة الفلسطينية التي حددها التقسيم -ولا اقبل خرافة ما بعد 67 أي ما بقي في العنف الأول من حصة الفلسطينيين من فلسطين بمقتضى القانون الدولي- هو إذن علة المقاومة التي لا تعد شرعية لأنها تتهم بكونها إرهابا.
الشرط الأخير:
وحتى نعلم من سيحكم دولة فلسطين فإن من يؤمن بالديموقراطية ويدعي الدفاع عنها في مساندة إسرائيل من المفروض أن يعترف بدولة فلسطين وجعل الشعب الفلسطيني يختار من يحكمه.
فإن رفض تكليف حماس إما أغلبيا أو اقليا يعني أن كل من يقاوم ليس له طريقة أخرى لإثبات شرعيته غير الرد على العنف بمثله وهو من ثم دفاع عن النفس وليس إرهابا ولن يقبل صاحبه نزع سلاحه.
لذلك فإن رفض نزع سلاح المقاومة ليس لفرض النفس على الشعب بل هو إيمان بأن الشعب الذي صمد معها قد انتخبها لتكون حامي حقوقه إلى أن يتمكن من فرض مشاركة كل الشعب في اختيار من يحكمه وحينها يكون حمل السلاح بيد السلطة السياسية ذات الشرعية الديموقراطية.
اكتشاف المزيد من تدوينات
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.