الأربعاء 19 فبراير 2025
عبد اللطيف علوي
عبد اللطيف علوي

ونحن على ذلك من الشّاهدين

عبد اللطيف علوي 

هو عنوان كتابي الثّامن، الّذي صدر اليوم بعون اللّه عن دار العلوي للنشر والتوزيع، ضمن سلسلة “الثورة تكتب سيرتها”. في 412 صفحة تضمّ ما يزيد عن 150 نصّا، وقد قدّمت له بما يلي:

“بشكل من الأشكال انتقل الكثير ممّا سوف نُسأل عنه في حياتنا، من عالم الواقع «الواقعيّ» إلى عالم الواقع «الافتراضيّ». وفجأة أتيح لنا أن نتشارك أفكارنا ومواقفنا وانطباعاتنا وتأمّلاتنا وحتّى مشاعرنا وأحاسيسنا، على الكثير من منصّات التّواصل الاجتماعيّ، الّتي صار يجتمع النّاس حولها فيما يشبه المنتديات المفتوحة على مدار السّاعة ليؤثّروا ويتأثّروا، كلّ حسب قدراته ومهاراته وأساليبه.

ونحن على ذلك من الشّاهدين
ونحن على ذلك من الشّاهدين

تزامن كلّ ذلك بالنّسبة إلينا، مع أحداث جسيمة عاشتها بلادنا وأمّتنا شكّلت منعرجا تاريخيّا غير مسبوق، أطلقت عليه تسمية «الرّبيع العربيّ»، عاشت من خلاله شعوبنا سنوات عاصفة من المدّ والجزر، والصّعود والنّكوص، والأحلام والخيبات، وانتهى تقريبا، في موجاته الأولى على الأقلّ، في أغلب البلدان الّتي زارها، بحالة من الارتداد العنيف، إلى أسوإ ما في الاستبداد من قمع وقهر وتخلّف وشعبويّة واضطهاد تجاوز في وحشيّته كلّ ما عرفته بلداننا من مآسي قبل «الرّبيع» على مدى تاريخها الطّويل.

ضمن هذا الإطار، وجد الفقير إلى ربّه تعالى نفسه داخل هذا المعترك الكبير، فاعلا ومتفاعلا بقلمه وآرائه ومواقفه، مدافعا عن قيمه الّتي عاش حياته كلّها من أجلها، ودفع في سبيلها ما دفع في شبابه وكهولته، واتّخذ له في سبيلها طريق الغرباء الّذين لا يدينون لأحد، ولا يعترفون إلاّ بسلطة الحقّ والفضيلة والعبوديّة للّه وحده.

آلاف السّاعات قضيتها أمام هذا الحاسوب، بما يعادل الأشهر والسّنوات، أنفقت فيها من أعصابي ومن وجعي ومن أحلامي ما يكفي ليملأ حياة أخرى بأكملها، عشت مأساة شعبي وأمّتي وعايشتها وحاولت أن أقف فيها حيث يقف الأحرار الصّادقون دائما.

كتبت آلاف النّصوص وتشاركتها مع مئات الآلاف ممّن عبروا ببيتي الأزرق طيلة هذه السّنوات، وتركتُ في أنفسهم شيئا من روحي وعقلي وتركوا في نفسي بتفاعلاتهم زادا هائلا من أسباب البقاء والإصرار والاستمرار.

هذه النّصوص حرصت على أن تكون فيها دائما، أو في معظمها على الأقلّ، العبارة البليغة والقيمة الأصيلة والحكمة الصّادقة، وأحيانا لمسة الطّرافة والملحة الخفيفة المستساغة، وأردتها حجّة لي أمام اللّه على أنّي لم أزكّ ظالما في هذه الحياة ولا نصرت باطلا ولا كنت شيطانا أخرس ساكتا عن الحقّ.

كان الاختيار صعبا ومعقّدا بين آلاف النّصوص الّتي لم تترك شاردة ولا واردة إلاّ حدّثت عنها ووثّقتها، كلّها كانت جزءا من حياتي، كتبتها بصدق وألم وإيمان، وأكلت من عقلي وروحي. كلّها عزيزة على قلبي وكلّها تمثّلني في لحظة كتابتها واليوم ويوم يقوم النّاس لربّ العالمين، فتخيّرت منها ما تحتمله دفّتا كتاب متوسّط الحجم لا يثقل على ذهن القارئ، وتعمّدت أن أتركها بلا تصنيف ولا تبويب، فإنّ هموم الحياة حين تداهمنا لا تأتينا مرتّبة ولا مبوّبة، ولا تنتظرنا حتّى نقف أمام المرآة فنتأنّق ونتجمّل.

هي نصوص في الحياة وللحياة، وهي شهادتي على ما عشت ومن عايشت، في السّياسة والأدب والفكر والتّربية والقيم والعلاقات الاجتماعيّة وشؤون الدّنيا والنّاس، نصوص لا تدّعي أنّها كتبت بريشة الأديب الخالصة، فلقد تركت فيها العنان لقلبي قبل عقلي وللكلمات كي ترقص أو تبكي أو تضحك كيفما تشاء، بدون أن أمارس عليها في أغلب الأحيان أيّ نوع من أنواع الوصاية أو السّلطان، واحتسبتها للّه خالصة، ولبلدي وأمّتي وأهلي وأحبّتي وأصدقائي ومتابعيّ الكرماء المخلصين، الّذين صاروا مع الزّمن بعشرات الآلاف، أولئك الّذين أعطوا لكلّ ما كتبت طيلة هذه السّنوات معنى وحياة…!
إليهم جميعا… ولزوجتي وبناتي المؤنسات الغاليات…

أهدي هذا الكتاب.


اكتشاف المزيد من تدوينات

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً

عبد اللطيف علوي

إيهام بالرّدّ

عبد اللطيف علوي  الرد الإيراني، على خلاف ما قد يتبادر إلى الذّهن فور قراءة العنوان، …

عبد اللطيف علوي

اعتراف المعلّم بالخطإ أمام التّلميذ

عبد اللطيف علوي  من الأشياء الّتي اختلفت فيها دائما مع بعض المتفقّدين وزملاء التّدريس، ومن …

اترك رد