مقالات

كيف خانت منظمة التحرير قضية فلسطين

سليم حكيمي

لم يكن ممكنا جرّ “منظمة التحرير الفلسطينية” الى أوسلو إلا بعد شقّها، وتصفية رافضي التسوية مع الكيان مثل “أبو جهاد” رئيس الجناح العسكري لفتح، و”صلاح خَلف” أبو إياد.

حين قتُل” أبو جهاد” غيِلة بتونس بتواطؤ بن علي، كان محمود عبّاس يسكن بيتا قُبالته، وهو الذي يعلن اليوم استعداده لحكم غزّة.

منظمة التحرير
منظمة التحرير

لم يكن ممكنا جرّ “منظمة التحرير الفلسطينية” الى أوسلو إلا بعد شقّها، وتصفية رافضي التسوية مع الكيان مثل “أبو جهاد” رئيس الجناح العسكري لفتح، و”صلاح خَلف” أبو إياد.

مُفلسِفا جبنه، رامَ أنور السّادات إقناع العرب بان 99 بالمائة من الحلّ بيد أمريكا. وأقدم منفردا على توقيع اتفاقية سلام “كامب دَيفيد”. انعقدت قمة في بغداد، وأرسلت تطلب منه التراجع عن قراره والتصريح بأن موقفه نجَم عن فَاقة مصر، مقابل تقديم العرب له معونة 10 مليار دولار. رفض استقبال وفد “سليم الحُص”، وحينها تقرر نقل الجامعة العربية من مصر الى تونس. ومنحت المنظمة تمويلا ضخما قُدر 18 مليار دولار. لم يكن أبو عمار يجرؤ على شرح وجهة نظره في السلام، وازعجه تشكّل جبهة داخل “فتح” ومن أعضاء اللجنة المركزية معادية لتوجه السادات، مثل تكتّل الشهيد “ماجد أبو شرارة” و “أبو صالح”.

بين 1978 – 1982 زمن اجتياح بيروت، ظنّ عرفات انه أنشأ دولة في مخيم “الفَكَهاني” بلبنان. ولم يفهم دلالة إغراق المنظمة بالأموال في خطة الفنادق بعد الخنادق.

ذات زمن، كانت السعودية ترفض الاعتراف بالمنظمة بسبب ضمها فصائل علمانية، ولم تكن تعترف سوى بحركة فتح (حركة التحرير الوطني الفلسطيني) فقط التي فتحت لها مكتبا بالمملكة. كان أبو عمار يمسك بزمام المال، طالبت التنظيمات المنضوية بصندوق مستقل، رفضه أبو عمار، وكل المحاولات لتقاسم الأمر معه فشلت. مما دعا صلاح خلف أن يكوّن لنفسه ميزانية بعلاقاته مع الدول الخليجية. بقي “خليل الوزير” في بيته لا يملك ميزانية.. وبدا الفساد المالي للمنظمة، ثم وقع ضغط كبير في اللجنة التنفيذية وتم إثره تحديد كُوتا لتنظيمات “الصّاعقة” و”فتح” “الجبهة الشعبية”. ما يضحك الثكلى أن عرفات صَنع لجان استثمار في الصومال وأوغندا ومشاريع موز وزراعة. واستلب “أحمد قريع” مليارات لمشاريع صنع ملابس فاشلة. حين كانت إسرائيل التي تملك اكبر قوة جوية تقصف صيدا وصور بـ 400 قنبلة لمدة ثلاث ساعات، لم تفكر المنظمة في أسلحة مضادة يمكنها صدّ الهجمات. اشتروا بدلا عنها دبابات (T34) من رومانيا، تحركت ثم َبرَكت، تلقى فيها موظفون من المنظمة الرشاوى. وحين كانت تحتاج تدريبا على حرب العصابات ذهبت الى روسيا للتدرب على كلاسيكيات جيش نظامي، بل دربت المنظمة طيارين ليقاتلوا في أوغندا وأفريقيا وباكستان!!. وانحرفت بالنضال الى اختطاف الطائرات بالأردن.

منظمة تملك أضخم المالية الرهيبة تطلب من “الجبهة الشعبية” كيفية شراء معدات حفر الأنفاق. اشترت واحدة وهُجِرت حتى صدأت وصادرتها إسرائيل. لفهم حجم استشراء الفساد والرَّفَه في سيارات المرسيدس، كانت المنظمة سنة 1982، تمتلك مائة مكتب ديبلوماسي في العالم لدولة وهمية ظن عرفات انه أنشأها في لبنان. ففي يوغسلافيا، كان عدد موظفي مكتبها 60، بينما لا تمتلك سفارات دول سوى خمسة أو ستة. بينما يعيش باقي الشعب الفقر والإِملاق. امضى عرفات أوسلو، سُلم جائزة نوبل للسّلام، بَسطوا له السّجاد الأحمر، ثم رفضوه لأنه لم يكن يعرف نَكْث العهود مع اليهود.

هكذا طوَّح هوانُ العقل بالمنظمة من دولة الوهم في لبنان الى وهم السّلطة في الضّفة. والمنظمة التي بدأَت متمرّدة، رَئِمت المذلّة حتى عجزت عن المُدافعة، ولو قاتلتها الثعّالبُ لغَلبَتها، فتأذّن الله بخَرابها وانقراضها، بعد أن صارت وكرا للخيانة والتجسّس والتعسسّ طالت مكتب عرفات يوما ذاته في تونس، أضاعت قضية كانت بين سَبيلين: بين فكر أساس هدفه الصراع الاستراتيجي مع الكيان، وآخر ليس له تلك الرؤية.. لا يوجد في حماس من يفضل التّفاوض على الحرب والنّزال. يذكر القيادي “أسامة حمدان” انهم أخفوا قرار هجوم 7 /10 عن الجميع، وحين اخطروا قوات النخبة وعددها 1400، مقررين قبول عُذر من يعتذر، لم يتردّد منهم واحد. قالت الأسيرة الإسرائيلية “حين كنت هنالك وقفت على الحقيقة المرعبة، انهم قوم لا يخافون الموت”… فَرع يحنّ الى اصله من القسّام.. الى البطل “خالد الإسلامبولي” هو من تصدى لبيع فلسطين باغتيال السادات، أول مطبع عَلني. فقط لأن المقدَّس لا بَيع فيه ولا خِلال.

كاتب صحفي من تونس

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock